10 يوليو 2009

حلم 1984 الجميل .. و إلى اللقاء!


أغلب الظن أن هذا الموضوع سينشر و أنا متوجه إلى ما أجلته و أخرته حتى لم يعد هناك مجالٌ لمزيد منه!
.
الحياة مغامرة،و لهذا أحيانًا يكون من اللازم أن يخوضها الإنسان دون اعتبار لمخاوفه ،و دون أي إعداد مسبق لما سيواجهه، لأن ذلك سيفقده عفوية التجربة و يجعلها عرضة لفقد متعتها.
.
لا تكمن المتعة بتحقيق الهدف من التجربة دائمًا، مجرد خوضها في بعض الأوقات يكون كافيًا لأن تصبح منجمًا للتجارب المفيدة، قد تنتهي بما أريده – إن شاء الله – و قد لا تنتهي في كل الأحوال هي شيء يعيد للحياة بعض رونقها الذي افتقدته بعد أن أصبحت أحداثها تسير كالمسطرة وفق إعداد مسبق و توقع لكل شيء قادم.
.
بعض القرارات اهميتها نابعة من كونها "قرارات متسرعة" يتطلب تنفيذها سرعة أكثر من سرعة اتخاذها لأنها تكون في مسار الوسط بين مضارها و فوائدها و لولا التسرع بقرار خوضها ،لحكم العقل بعبثيتها و ابتعد عنها فخسر كل فائدة ترجى منها.
.
هذا القرار الذي اتخذته أتوقع أنه يندرج تحت هذا التصنيف،و لكن كما قلت هي مغامرة و على غير العادة لم أتعب نفسي بحساباتها و لأول مرة أترك رياحها تأتي لتقذفني في غمراتها دون مقاومة ، أتت لتحبسني في عزلتها و تضعني رهينة لنتائجها، بناء على ذلك أراكم بعد 40 يوم إن شاء الله و أنا كلي أملٌ و رجاءٌ بدعائكم.
.
الزميل عدو راعي القحفية المشهور بـ الحلم الجميل كتب في مدونته مراجعة لرواية 1984 و هي رواية ظللت ألاحقها لشهور طويلة حتى حصلت على نسخة إنجليزية منها من مكتبة خارج الكويت لأتفاجئ بان الحلم الجميل قرأها معربة بعد أن اشتراها من قلب الكويت!

حــظ !!
.
على كلٍ و لأنني ساعة كتابة موضوعه كنتُ قد بدأت قراءتها فقد وعدته بكتابة رأيي فيها ، و لكن نزولاً على طلبه و تحقيقًا مني لحلمه الجميل قد جعلت قراءتي للرواية في موضوع منفصل بمدونتي حتى لا يصنفني بخانة الأعداء مع راعي القحفية.
.
كما ذكرتُ في مدونته (هنا) فقد تفاجأت بأن الرواية تحتوي على تعقيب لـ إريك فروم عالم النفس الأمريكي، و لأنني لحظتها كنت أقرأ كتابًا آخر له شدني فيه طريقة تحليله لمدرسة فرويد التحليلية في علم النفس فقد قررت أن أقوم بترجمة تعقيبه على الرواية للعربية*، و هذا ما فعلته و أضفت بعد ذلك تعقيبي الشخصي ليخرج التعقيبان على هيئة كتاب إلكتروني صغير أو بالأحرى كتيب إلكتروني.
.
حتى ذلك الحين عندما أعود بإذن الله سبحانه ، أترككم مع هذا (الكتيب الإلكتروني) الذي جعلته بصيغة pdf حتى يمكن قراءته من خلال Desktops ,Laptops , Pocket pc.'s
and any other device that can read pdf files
.
في هذا الكتيب عدة محاور مستنبطة من رواية ( 1984 ) لـ جورج أورويل، و بإمكانه باعتقادي أن يقدم أساسًا لفهمٍ أفضل للرواية بناءً على القراءة التي ترجمتها لـ فروم و ما كتبته من وجهة نظر شخصية لما عبّر عنه أورويل في روايته.
.
سيسرني جدًا أن أرى ردود الفعل على ما هو مكتوب في الملف سيما و أنه يناقش قضايا بعضها تمس حياتنا اليومية.
.
ملاحظة أخيرة أذكرها هي أن الرواية و تعقيب فروم كتبا قبل قرابة 50 سنة ، ملاحظة البُعد الزمني ستفسر بعض القوالب التي يطرحها الإثنان و لكن هذا لا يضر أبدًا بـ(الفكرة الرئيسية) التي لم و لن يتجاوزها الزمن، و رغم مرور 25 سنة على تصور أورويل للعالم في ( 1984 ) إلا أن ذلك لم يؤثر أبدًا على روعة ما كتبه بها حتى في هذا الوقت.
.
بإمكانكم تنزيل الملف من خلال احد هذه المواقع :
4Shared
2Shared

M5zn
Direct link
.
أراكم على خير إن شاء الله، و أسألكم الدعاء.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* و أرجو المعذرة في حال وجود أي خلل بالترجمة ، فهذا أقصى ما يمكن لمناهج Fran & Stan أن تصنعه فيني:)

1 يوليو 2009

إشڱـد إنتوا مؤمنين !



هذه الكلمة قالها لي صديقي أمس عندما أعطيته رابطًا لموضوع في أحد المنتديات يناقش اقتراحًا تقدمت به د. أسيل العوضي عن استخراج الجواز دون إذن ولي الأمر.
في الموضوع شنَّ المشاركون هجومًا لاذعًا لأن هذا القانون خرج من "داعية إفساد " و يهدف إلى " إفساد " مجتمعنا المحافظ الملائكي و الطاهر ! قلة من ردود الأفعال خرجت عن هذا السياق و حام الأغلب حول قيمنا و عاداتنا و ديننا الذي أصبح ينتهك و تقع اعمدته بفعل هذه الإقتراحات و القوانين و " التيارات " التي تستهدف مجتمعنا المتدين المحافظ!
.
و لكن هل مجتمعنا حقـًا كذلك ؟
.
لا أعتقد ذلك ، أول مشكلة في مجتمعنا أنه " يكذب على نفسه " كثيرًا فلا هو مجتمع متدين كما يصور نفسه ، و إدعاء "التحفظ" فيه ليس أكثر من اسطوانة يكررها من يلعب على وتر الدين ضد الآخرين.
.
منذ مدة طويلة و أنا أتابع الساحة الكويتية [1] بإمعان و أرصد ما يدور فيها ، و عندي اهتمام لا بأس به في تشخيص مشاكل هذا المجتمع و الأسباب التي تؤدي إلى ظهور هذه العلل على سطحه ، و كلما توصلت إلى قناعات و نتائج و أردت الكتابة عنها تستوقفني "ابتكارات جديدة" أراها تمثل قمة التناقض الصارخ بين هذه الإدعاءات و بين ما يحدث على أرض الواقع.
مجرد طرح تساؤل بسيط في أي مكان على الانترنت و مقارنة الإجابات التي ستنهال عليه بما يحدث في أرض الواقع تظهر هذا التباين العنيف بين الإدعاء و التطبيق.
.
مئات و ربما آلاف المواضيع عن "المشاكل الأخلاقية" في مجتمعنا مكتوبة عبر الإنترنت و الصحف و حبرها لم يكد يجف حتى تلقت التأييدات باستنكارها و مع هذا هي بإزدياد على أرض الواقع ، " فـرّة" بالمجمعات أو الشوارع و ستأتيك الحصيلة أكثر من خراج العراق في عهد هارون العباسي و هي تبصمُ على أن الشعارات ليست أكثر من كلمات تلوكها الألسنة!
.
مثلها عن "الضرورات الوطنية" و "الأموال العامة" و "حقوق الشعب" و "التنمية" و غيرها و هي كل يوم تُسقط أرضًا و "يُداس في بطنها"من قِبل من يدعي رفع راياتها ،لم تعد القضية ، قضية شعارات بل تعدت ذلك الآن إلى كونها أزمة واقعية لا يعيها الناس،أزمة معرفة لهويّة مجتمعنا، و أزمة إنسانية من حيث تناقض الشخص بين إدعائه و فعله، بين مظهره و جوهره.
.
" إن دينًا بعينه ،طالما هو قادر على تحريك السلوك ، ليس مجرد مجموعة معتقدات وشرائع ، ولكنه إيمان مغروس بجذوره في البناء الخاص للشخصية الفردية. وطالما هو دين جماعة من البشر فإن له جذورًا في الشخصية الاجتماعية أيضًا"[2].
.
فالسلوك الإنساني هو "المسطرة" التي تقاس عليه الديانات أو المعتقدات و وجودها في المجتمعات، هذا السلوك يظهر بالتطبيق الواقعي لأوامره و نواهيه و ما يأتي به من شرائع على مستويين ، المستوى الأول هو المستوى الفردي ،و إذا تمَّ على هذا المستوى يتحول إلى المستوى الإجتماعي ، و من ثم يكون علامة مميزة تصف هذا المجتمع،مثل بعض المجتمعات التي توصف بـ"المغلقة" و أخرى بـ"المفتوحة" و ثالثة بـ"المتحررة" و غيرها.
.
على قدر "إدعاءات التدين" التي نحصل عليها كردود أفعال في مثل هذه المواضيع ،يكون الواقع مغايرًا لها ! لا يمكن التغافل عمّا يجري على أرض الواقع، و يحق أن نطرح سؤالاً : إذا كان كل هؤلاء "محافظون" هكذا .. فمن أين أتى هؤلاء الذين نراهم كل يوم في مجتمعنا ؟
نجلس معهم في الواقع و نتعامل معهم ، و نعتبرهم أمورًا مسلمًا بها ، ثم ننكر كل ذلك في الإنترنت و على صفحات الجرائد و المجلات !
.
يشكل الدين "حاجة مغروسة في الشروط الأساسية لوجود النوع الإنساني"[3] فهي غريزة او بالأحرى فطرة تشكل حجر الزاوية في كل إنسان و على هذا الأساس فإن مخاطبة الشعور الديني عنده أسهل من مخاطبة العقل فالأول سريع التهيّج،و هنا تكمن المأساة أننا وقعنا بين إفراط "المنكرين للدين" و تفريط "المدعين له" و لم يعد هناك سبيل بين الإثنين له وجود يذكر في الساحة.
.
بسبب إفراط النوع الأول لم يعد هناك حاجة للنوع الثاني أن يعملوا و يؤسسوا لمفهوم صحيح للدين يتغذى على أساسه المجتمع، و بسبب خوف الناس من هؤلاء الذين ينكرون "شرطًا من شروط وجودهم" و هو الدين يلجؤون إلى أصحاب التدين القشري، أصحاب المظاهر و الشعارات فرارًا من أولئك الذين لا يعترفون به، فتبرز ظاهرة الشعارات و يتحول الدين إلى إحساس شكلي لا داخلي، إلى مظهر يؤكد "ارتباط" صاحبه بالدين الذي هو جزءٌ من هويته النفسية أكثر من سلوك يؤيد "إيمانه" الحقيقي بتعاليم الدين، بمعنى أن هناك انفصال بين (الإعتقاد الباطني) و بين (السلوك العملي) في الذهنية التي تحكم مجتمعنا.
.
في مقابلة شاهدتها مع أحد المغنين الكويتيين كان جوابه عن سؤال وجه له بخصوص احتفاله بعيد ميلاده،أنه لا يحتفل به لأن عيد الميلاد هو "بدعة"! لمّا سمعت الإجابة تذكرت أسلوب العقاد (يا مولانا، هو "الغناء" حسنة؟)، هذا المطرب هو ابن بيئة لازالت تتصارع مع مفهوم "الدين" و مفهوم "المجتمع"، معظم ما يطرحه هؤلاء المحافظون إن صح التعبير ليس أكثر من عادات اجتماعية يحاولون الإبقاء عليها و استعمالها كسلاح ضد أولئك "المتحررين" بنظرهم الذي هم بواقع الحال مجرد "محافظين" إنما "عكس السير" و أفضل طريقة هي بتغليفها باسم الدين فهم يستخدمونه "كسلاح بتار لخداع الناس و صرف أحاسيسهم عن مصائرهم الحالية،...،و تبديل المشاكل الحقيقية الراهنة عندهم إلى مشاكل ذهنية"[4].
.
هل هذا هجوم على الدين أم على المجتمع ؟
.
لا شيء من ذلك، بل هي إشارة إلى خلل في فهم واقع الدين و الفكر كذلك و أنه إلى الآن لم يصل إلى مرحلة "القدرة" على تحريك السلوك عند الكثيرين لاسباب عديدة و لهذا يعوضون ذلك بالهجوم على الآخرين باسم الدين حتى و إن كانوا هم لا يعترفون به على صعيد الممارسة، فالدين و حتى "المذاهب الفكرية الأخرى" لا زالت في المرحلة الشعاراتية عندنا و لم تصل إلى درجة التغلب على الموروث الإجتماعي الفكري، لازال المجتمع يمارس الشعارات على صعيد الحديث و ينساها في معترك الفعل !
فأبناء مجتمعنا الآن "ما عندهم مانع" أن يغازل الشخص في الشوارع ثم يفتي بحكم "الجل" في الشعر طالما أنه يكفر عن ذنبه هذا بتصويته لأحد أصحاب "المظاهر المؤمنة" أو هجومه على "الفسدة الفسقة" الذين يستهدفون مجتمعنا الملائكي!
.
أعود لصديقي الذي كان تعليقي على كلامه هو : عندنا وايد مؤمنين.. بس معظمهم مثل "مؤذن حمص"[5]!



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] و الساحة الكويتية لا تختلف كثيرًا عن جاراتها!و إثبات الشيء لا ينفي ما عداه.
[2] إريك فروم : الإنسان بين الحقيقة و المظهر.
[3] نفس المصدر.
[4] علي شريعتي : مسؤولية المثقف.
[5] في الكشكول ينقل العلامة البحراني قصة طريفة طويلة ، منها ان أحدهم دخل احدى قرى حمص في الشام فسمع المؤذن يقول : أشهد أن أهل حمص يقولون أن محمدا رسول الله!
فلمّا سألَ إمام المسجد عن هذا "الأذان العجيب" أجابه بأن المؤذن مريض اليوم ، فاستأجروا هذا اليهودي ليؤذن مكانه!