25 فبراير 2009

بعد 48 سنة على الإستقلال

بعد أن اضطررت اضطرارًا شديدًا و مؤسفًا أن أسلك " شارع الخليج " منتصف ليلة الأمس ، و بعد ما شاهدته من مناظر ذكرتني بمسلسل " Tarzan " كانت هذه الشقشقة التي هدرت ثم قرّت.

.



أهرامات الجيزة تمثل احدى عبقريات البناء الإنساني ، يرى البعض فيها صخورًا و الآخر قبورًا و الثالث تحفًا معمارية ، أنا أرى فيها سيرة الحياة ، تبدأ فارغة في المنتصف و تصل في النهاية إلى سد هذا الفراغ برأس دقيق يمثل القدرة المختزلة لكل هذه الاحجار التي وضعت تدريجيًا حتى وصلت للقمة ، و بعد القمة تبدأ بذلك النزول إلى أن تصل إلى الفراغ الأكبر في القاعدة بنفس الوتيرة .



اليوم [1] تمر ذكرى 48 سنة على الإستقلال و هذه فترة بأعمار الدول بل و حتى الإنسان تعتبر قصيرة نسبيًا و لكنها قياسًا بالكويت اليوم تعد إشارة لكل نظريات الهِرم التي صاغها علماء الإجتماع ، قبل سنة او بالتحديد سنة و شهرين من الآن احتفلت مجلة العربي بمرور 50 سنة على إصدارها ، صحيح أنها بدات بالصدور قبل الإستقلال التام و لكنها واكبت و زاملت تلك الأيام ، كم كنت أتمنى لو قامت الحكومة أو طالبها أعضاء مجلس الأمة بتوزيع ذلك العدد على كل بيت في الكويت بالمجان حتى يقرأ الشعب ذكريات الكتاب و الأدباء و المثقفين الذين قاموا ببناء صرحها و أشادوه في صورة تمثل أبلغ الكمالات لعنفوان الدولة الناهضة و أنا اجزم صادقًا أنه لن يضع أحدهم المجلة إلا و الكمد و الحسرة تقطع أنفاسه على ما يراه الآن من نقيض هذا العنفوان من شيخوخة مبكرة .
.


سار المجتمع الكويتي بخط تطوري صعد تدريجيًا و لكنه استعجل نهاية السباق فوصل قمته مع اعلان الاستقلال و صياغة الدستور المدني الذي كفل الحريات في وسط مجتمعات لم تزل متدنية في مستوى استيعابها لهذه الوقائع و الاحداث ، و لكن كما يبدو كان هذا التطور مجرد اقتباس سابق لأوانه من الدول الحديثة ، كان تطورًا فكريًا ' نخبويًا ' تناسى في غمرة صراعه أن المجتمع في عاداته و اعتقاداته لا زال متأخرًا عن استيعابه لهذه الامور بشكلها الكامل ، لو أخذت رجلاً من القرون الوسطى في عصور الإقطاع و اتيت به في خضم هذا العالم الحديث ذو الحقوق و الواجبات المدنية و الحريات فإن هذا الشخص لن يمانع هذه الحرية التي وصل لها و لكنه لن يتنازل عن قيم الاقطاع التي وقع تحت تأثيرها في تعامله مع باقي الناس ، اختلافه سيظهر جليًا و إن ادعى رضاه بالديمقراطية و المدنية و ما فيها و لن يمانع أبدًا من العودة لما كان عليه ، و لكن لو عكست الحال و اتيت برجل من هذا العصر و وضعته في عصور الإقطاع فلن يستطيع التعايش أبدًا ، اختلاف المعيشة و تطور الفكر الذي حصل نتيجة مخاض عسير من الصراعات و الحروب عند الإنسان الحديث سيما في أوروبا و الغرب أولد قيما تعد كالأرقام الثابتة في الرياضيات غير قابلة للتنازل عنها او تغييرها و منها الحرية و الديمقراطية .




يتحدث د. علي الوردي عن هذه الأزمة : « من طبيعة القيم الإجتماعية التي تسود الناس فترة طويلة من الزمن أنها لا تتغير بنفس السرعة التي تتغير بها ظروفهم » ، و أطلق على هذه الظاهرة في علم الإجتماع اسم (التناشز الإجتماعي) ، لم يكن المجتمع الكويتي سوى قرية صغيرة تغلق أسوارها بعد صلاة العشاء يتجمع تجارها في جبلة و الكادحين من سكانها مختنقون في فرجان شرق و الأواسط ما بين هاتين المنطقتين متوزعون ، و هذا هو الخطأ الاول حين تم الإتيان بفكر مدني بكل ما يحمله من مفردات المساواة و الحريات ليتم تطبيقه في مجتمع لازال يؤمن بفوقية التاجر الذي يأكل اللحم و دونية من أدامهم لا يتعدى المموش و السمك ، مجتمع يهاب الفداوي و خيزرانته و يعيش في كانتونات مقسمة تدور بين التجار و السلطة الحاكمة مداولات الديرة و يبات الشعب باحثا عن "نوخذة" يكفلهم [2]، لم تكن هذه المدنية القادمة متناسقة مع قدرة المجتمع على تقبلها ، لم يستطع 'الكبار' ان يهضموا هذا التغير الذي يزيحهم من بروجهم و يساويهم بعامة الشعب في كسر لا يجبر لقيم عشائرية سادت طويلاً ، لذلك بمجرد ذهاب سكرة هذا الإنطلاق بدأت الألاعيب تمارس لإعادة الأمور كما كانت عليه سابقًا و قد نجحت للأسف في كثير من الأمور و كم من قانون معطل و مادة دستورية دفنها الغبار لازالت موجودة إلى اليوم دون تطبيق حفاظاً على بعض الفروق كرامةً لأولئك.

.

و لكن هذا كله كان بالإمكان التغلب عليه بمرور الزمن و بالحفاظ على سير عملية التطبيق على علاتها لانها في النهاية ستولد قيمًا جديدة ، في الوقت الذي وقف فيه بعض النواب و ذهبوا لتقبيل 'خشوم' الوزراء من الأسرة في الستينات عندما دخلوا قاعة البرلمان ، وقف هؤلاء النواب مع الشعب في موقف المطالبة و المعارضة لإرجاع الديمقراطية في الثمانينات و هذا مؤشر على التحول و تغير القيم نتيجة التطور الذي طال فكر المجتمع و لو أنه كان تطورًا بسيطًا في ظاهره ، و يؤكد ذلك حين حديثه عن هذا التناشز د. علي الوردي و يستشهد بأسلوب الملك فيصل في العراق الذي عمد إلى التثقيف التدريجي للشعب بدأه في المدن و استطاع أن يحقق نجاحًا كبيرًا و لكن قيم السلطة العشائرية التي أصبحت لعبة تجيدها القوى السياسية لتنفيذ مخططاتها المرسومة لها استطاعت إزاحته ليعيد صدام في النهاية الكرة إلى ملعبها الأول [3].

.

ما مرت به الكويت كان عنفوانًا سريعًا أوصلها إلى شيخوخة مبكرة ، كان تطورًا مستعجلاً لم يستطع أن يحافظ على ثباته فوصل لخط النهاية قبل أوانه كما يقول الإنجليز : ما يأتي سريعًا يذهبُ سريعًا ، و هذه من طبيعة الأشياء أنها متى ما وصلت إلى القمة بدأت بالانحدار بنفس السرعة التي وصلت بها و لكن عجلة التسارع زادت بسبب الغزو الذي دق المسمار الأخير في النعش لمّا بات الكويتي ' كويتيًا ' ليصحَ على صوت عبد الحكيم زعلان و هو ينادي أبناء المحافظة التاسعة عشر ، أصبح الهمَّ اليوم عند الكثيرين هو ضمان مستقبلهم لأن شعورهم بوجود الدولة أصبح منعدمًا ، فالموجود الآن هو هيكل دولة أو بالأحرى أطلال دولة الكل يبحث فيها صيدٍ يعشي به أطفاله ، و إن لم تكن الفكرة ظاهرة على محياهم إلا أنها مغروسة في وجدانهم و باطنهم ، لم تعد مشكلة الموازنة بين القيم هي علاج شيخوخة الدولة و لكن مشكلة إيجاد معنى الوطن و الدولة في النفوس قبل كل شيء ، الكثيرون ارتكبوا جرائهم حين غابت الدولة في الغزو ظنًا منهم بانها لن تعود و لكنهم تمادوا حين رؤوها عادت و لكن بجنحان منكسرة يُبّرء السارق فيها و يتباكى السهران في كازينوهات الهرم على صيامه الذي يضطر لابطاله من شدة عطشه نظرًا لعلو صوته في دفاعه عن حقوق الشعب (!) و ينصب مدعي الدين فيها وصيًا على الشعب و هو يبيع الخمور ، و الآخر ينتخب نفس عضوًا في مجلس يمثل دولة يعتبر أن عيدها الوطني " يومًا وثنيًا " و أن عَلَمها لا يستحق حتى الإحترام و لم يعمد أحد إلى جبر هذه الكسور .. حينها لا نلومُ الشعب الضايع بالطوشه على حالة الضياع التي يعيشها بل قد نجد لهذه الحالة تبريرًا !

.


بعد 48 سنة على الإستقلال و 18 سنة على التحرير آن الاوان لان يتم تقييم الامور بدلاً من تغطيتها بأقنعة الكلمات ، لم تعد الشعارات و الأشعار و الدعوات الوطنية الخالية كافية لان تغطي عورة المستوى الذي وصلنا له عطفًا على البداية التي بداناها و قادت الكويت إلى أن تصبح درة الخليج في زمنٍ قصير انتهى .



الأعياد الوطنية ليست مجرد أيام يُحتفل بها و تُذاع بها الأغاني ، بل هي أيام يستذكر بها مسيرة الدول ، لا يعني أن لا نفرح بها و لكن تعني أن لا نلجأ لهذه الإحتفالات حتى نخفي التصدع الحاصل تحت رغوات علب الصابون .






و الحديثُ ذو شجون



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



[1] استقلال الكويت الفعلي كان في 19/6/1961 ، و لكن تكريمًا للامير الراحل الشيخ عبد الله السالم تم اختيار يوم إمارته عيدًا وطنيًا للشعب لأنه أبو الاستقلال و الدستور .



[2] قبل يومين نشرت القبس وثيقة تاريخية يحصل فيها ( بن هويدي ) على براءته من ( النوخذة ) ، لتكون صك نجاته !



شاهد الوثيقة : اضغط هنا .



[3] الواقع أن الكويت نتيجة لهذا التناشز الإجتماعي و ما ترتب عليه من صراع سياسي واضح في نهاية الستينات و السبعينات و ما ترتب عليه من سياسة التجنيس و غيرها أصابتها ردة حضاريّة واضحة ، من طبيعة المجتمعات البشرية أنها بحسب ما يقوله ابن خلدون تعاني صراعا ما بين البداوة و الحضارة و هذا الصراع يستلزم في احدى مراحله أن تُصاب المجتمعات بحالة من التفسخ و الإنحلال الأخلاقي و لا أظن أن ما يحدث الآن يخرج من هذه الدائرة و العياذ بالله .

17 فبراير 2009

فقير و مسكين و أنا و نيتشه و السكين !

فقير و مسكين .. لحظات قبل وداعهما !

فقير و مسكين ضيفان نزلا في منزلنا المتواضع ليكونا قربان الترحيب بالنازلة الجديدة ، مضى عليهما حتى سُفكت دمائهما أسبوع يأكلان من طعامنا و يشربان ماءنا و ينتصبان وقوفا كلما خرجنا او دخلنا من باب المنزل ليشيعونا بنظراتهما المنكسرة.

تولدت حالة عاطفية ربطت أغلب أسرتي بهما ، ربما بسبب شكلهما أو هدوؤهما غير المعتاد أو ربما بسبب تشكيلهما للعبة يفرغ فيها الاطفال نشاطهم بملاحقتهما بعيدًا عن صنع الضوضاء داخل المنزل .

منذ الامس و شعور الذنب يتملكني و نظرات الإتهام تلاحقني من الجميع لأنني اتصلت على " أبو خليل " ليضع حدًا لمكثهما معنا ، فالضيف نزوله ثلاثًا و هؤلاء أخذوها سبعًا ، أحسست بقراري هذا أنني كـ بروتوس حملت خنجر الغدر لأطعن به قيصر في ظهره ليذكرني التاريخ بعد ذلك في خانة الخونة !
.
و مع لمعة السكين و هي تنزل على نحر فقير ، برَق ببالي التساؤل كيف لإنسان أن يتعاطف تارة مع خروفٍ جاوره لأسبوع و يعيش بهذه اللوعة لقتله ، أن يتحول في تارة أخرى لجبار يطغى في الأرض و يقتل أقرانه البشر ؟

كيف يحمل الإنسان عاطفة ترقق الدمع على بهيمة جرت العادة على قتلها ، ثم يحمل غزيرة يسفك بها دماء الآلاف من النساء و الأطفال من البشر ثم ينامُ قرير العين في الليل ..

تذكرت قابيل و قتله لأخيه ،
و نيرون كيف قتل والدته و زوجته ،
و كيف قام سليم الأول بقتل أبنائه و أحفاده ،
و كيف وأد العرب بناتهم في مطامير الصحراء القاحلة ،

و لو عددت جرائم الإنسان في حق الإنسانية لما انتهيت حتى تكف الأرض عن الدوران ،

هنالك حدثت نفسي ، ماذا لـو كان نيتشه يرى ما يحدث .. كيف سيجيب على تساؤلي؟


تخيلته يضيف فصلا لكتابه الذي لم يكتبه لأحد ..


يجعلني فيه ناطقا على لسان زرادشت بشيءٍ من كلماته و كلماتي أحدثُ فيها وجداني :



« الإنسان الخارق لا يكون خارقا حتى يكون خلاقا ،


الخلاق هو الذي يخلق مشاعره بإرادته


.. هناك على الجبل أسخر من ضيفي لان ذبابة صغيرة قادرة
على اجباره لأن يخلق شعورًا !


الجيد هو ان تنظر للأمور كما تنظر الاشجار العملاقة للحشرات ...
ان تخلق صمتك و تخفي حقدك
.. بهذا تكون خارقا ، و خلاقا !


أنتم أيها الناس ! ...


تسمون هذا الخارق شيطانا ، إنني أسير بينكم كما يسير السرطان بين حطام السفن على الشاطئ الصخري


لأن الحطام الجامد وحده يتصور حماية الشيطان للسفن العابرة !


لا تدّعوا الفضل .. إن الفضل بحاجة لقناع خشبي يغطي تعابير الوجه ..


لا تكونوا فضلاء فوق طاقتكم ... فالماء النقي كماء الندى يفسد الخشب .


كلما عايشت الناس قلّت معرفتي بحقيقتهم .. ولكن أعلم ان الجائع وحده من يُصدر أصواتًا !
تلاميذي الأعزاء ! ..


تنتهي مغامرات القمر .. حين يحين النهار ..


و لكنه لا يبكي على مفارقة السمـاء و النزول من عرشه لأجل الشمس ..
.
لأنه يعلم أن الضحك وحده سيكون مصيره إن ظن ..
أن نزوله في أفق البحر سيجعله يفيض !

إنّ الذي يعيش في الأعلى وحده الذي يسخر ..
مما يجري في الأسفل !
.

يا صديقي ! ..


إن الناس ممثلون سيئون ..


يقولون بانهم مستقلون .. و لكن في دواخلهم يدرون انهم مجرد تابعين ..

لا يمكن للأسماك أن تعيش مع القطط البرية .. و لكن يمكنها أن تعيش بجانب أسماك القرش ..

إن القاتل الذي يحمل هويتي .. زلته مغفورة !

هل علمت يا صديقي لماذا يشعر الناس بالذنب لقتلهم نعجة ؟

بينما يشعرون بنشوة النصر ..

و يعزفون موسيقا الفتح لقتلهم البشر ؟

عندما تستيقظ ستعلم أن الإجابة .. هي خارج المغارة التي تنام داخلها ..

حين تخرج ستراها تنتظرك كبستان التفاح .. ينتظر من يقطف ثماره ! »

هكذا تكلم سـفـيد .. زرادشت ..لمكونات وجدانه






12 فبراير 2009

السـوي و المتوتـر




من إحدى إفرازات المدرسة التحليلية في علم النفس و دراستها لشخصيات الناس تصنيفها بحسب تصرفاتها و أفعالها إلى ما يُعبّر عنها و عن جوهرها ، إحدى تصنيفاتهم التي تتناول شخصيات الإنسان من خلال نقيضين هي دراستها لشخصية الإنسان السوي و دراستها للإنسان المتوتر .
.
من وجهة نظر إسلامية تتفق مع ما تصيغه هذه النظرية ، تعبر هذه المدرسة عن الشخصية السويّة : بانها الشخصية التي تحمل موقفًا توافقيًا تجاه الآخرين ، و يتمثل هذا الموقف التوافقي بالصفاء النفسي و العفو و الإحسان ، أن تكون تصرفات الإنسان الظاهرية معبرة عن بواطنه الداخلية قادرة على اكتساب الصداقات وفق أسمى معاني الأخلاق ، و من هذه الشخصية ينطلق ما يسمى بــ " الموقف التوافقي " أي حمل المودة و الحب و إظهارها للآخرين كموقف ابتدائي.
.
أما الشخصية المتوترة فهي تعني تلك الشخصية التي تحمل موقفًا متذبذبًا تجاه الناس ، فهي تارة تتصرف وفق مبادئ الحضارة و تارة تتصرف وفق مبادئ القيم العشائرية لها ، تارة تتميز بالغضب و النفور و تارة تبدي الإنفتاح تجاه الآخرين و كل هذا يعتمد على الموقف الذي تكون فيه ، فهي تستلهم منه طريقة تصرفها و لا تتصرف بناءً على السجية الطبيعية لها .
.
يستشهد الدكتور علي الوردي بصورة كاريكتيرية يلخص بها شخصية المتوتر تمثل هذه الصورة احد أبناء المدن العراقيين و آخر يرتدي الكوفية و العقال كلباس اهل العشائر ، و هذان الاثنان داخل حافلة لنقل الركاب و قد طرح صاحب الكوفية ابن المدينة أرضا واضعاً مسدسه على رأسه و هو يقول له : و الله لا يمكن أن تدفع ، بل أنا الذي سيدفع الأجرة .
.
يظهر صراع هذا المتوتر الذي يمثله الرسم في ازدواجيته ما بين الكرم الذي تفرضه قيمه العشائرية و ما بين استعداده للقتل في سبيل اثبات قيمة الكرم نظرًا لأنها مقدسة و تمثل علامة فارقة في مجتمعات ريفية تعاني من الفقر و الجوع عادة و ما بين القتل الذي لا يمثل سوى جريمة أقل مرتبة من جريمة تكفّل الضيف بنفسه ، فهو عنده الاستعداد لأن ينهب لكي يهب في مثال واضح على الخلل في صياغة إطار هذه الشخصية و أفكارها ، و لا أظن أن غالبيتنا لم يمروا بموقف مشابه في يوم من الأيام.
.
في علم الأخلاق ترتكز الدعوة إلى رفض هذه المظاهر و هذه القيم و تُرجع جميع تصرفات الإنسان إلى شريعة واحدة ثابتة غير متذبذبة حتى تتولد الشخصية السليمة عند معتنقيها و بالتالي يَسلم المجتمع من شرورها ، فهي لا تتردد في وصف القتل بانه جريمة عظمى و إن كان بهدف نبيل في ضوء تقاليد المجتمع كما حدث في الطرفة سابقة الذكر ، و تؤكد في خلق الشخصية السوية على ابداء الموقف التوافقي و جعله أصلاً في ابتداء أي فعل يقوم به الإنسان من خلال التعبير الحركي عن الحب الذي هو أحد مصاديق الشخصية السوية ، أي اظهار البسمة و طلاقة الوجه و حسن التعامل .
.
و يبدو أن الإسلام قد سبق المدرسة التحليلية في تحديد الشخصية السويّة و من ثم تحديد نقيضها المتمثل بالشخصية المتوترة و أثرُ ذلك في دعاء " مكـارم الأخلاق " [1] ، و كيفية وصف الإمام زين العابين عليه السلام لأسمى الصفات التي يجب أن تتحلى بها شخصية المرء .
.
طبيعة قلب الإنسان أنه متوحش لا يقبل بالقادمين الجدد و غالبًا ما يظهر تعبير الوجوم على وجوهنا حين مقابلتنا لأناسٍ جدد في العمل في المدرسة في الجامعة او إدارات الدولة أو باي مكانٍ آخر ، هذا التعبير يولد حاجزًا يفصل ما بيننا و بين هؤلاء ، لاحظ في نفسك إن قابلت شخصًا لأول مرة و أظهر تعابير الوجوم و الإنقباض منك كيف سيكون مردود ذلك في نفسك و لا أظن أنني أخطئ أنك ستصنفه في باب العداوة أو عدم الرغبة بمقابلته مجددًا و بذلك تخسر صديقًا و ربما سنيدًا جديدًا ، فالانقباض من الناس يولد نفس الشعور عند الطرف الآخر مما يحيي هذا التوتر القائم و يديمه [2] في الرواية عن الإمام علي عليه السلام : الإنقباض من الناس مكسبة للعداوة .
.
يؤكد علم الأخلاق في الإسلام على ضرورة ترويض النفس للتغلب على تقاليد و عادات ( آداب ) المجتمع في الإنسان من خلال الإيمان بمبادئ الأخلاق التي سبق و أن بينّا أنها ثابتة غير متحولة [3] بعكس الآداب، فهو يؤكد على الابتسامة في وجه الجميع و يعدها من الصدقات المندوبة ، و يدعو للأحسان و هو الإعطاء دون مقابل رغم أن هذا يعارض الأنا الفردية المسؤولة عن الأنانية في الإنسان و لكن ترويض النفس لا يكون إلا بمجاهدتها و هو أحد أهم المبادئ التي يدعو إليها الأخلاقيون .
.
الشخصية المتوترة هي قبل أن تكون شخصية مريضة ، شخصية غير قادرة على تحديد هويتها و العيش وفق هذه الهوية و إذا ما انتشرت في مجتمع ما و قوبلت بالمثل تكون سبيلاً لأن يُصاب هذا المجتمع بإزدواجية تزيحه من مراتب الحضارة إلى الخلف ، و نحن الآن في الكويت نعيش بعض مظاهر هذه الإزدواجية .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[3] راجع مقالة سابقة لي في المدونة : الأخلاق .. و الفعل الأخلاقي .

7 فبراير 2009

كيف نفهم ما يريده الطرف الآخر ؟

سفيد الطائفي [ 4 ]

في التاريخ الفارسي هناك قصة مؤلمة و طريفة بنفس الوقت عن أحد الشاهات الدمويين الذي ظفر بالمُلك فبدأبملاحقة اعدائه حتى قبض على أحدهم و أودعه السجن لإعدامه ، و لكن لمكانة هذا السجين توجه له أفراد عائلته و عشيرته ليتشفعوا له عند الملك فقبل شفاعتهم و كتب لهم على ورقة : « بخشش . لازم نيست اعدامش کنيد» أي « اعفو عنه ، لا حاجة لاعدامه » و طلب منهم التوجه للسجن بهذه الورقة ، فلما وصلوا و أعطوها للسجان اتى بالسجين و اعدمه أمامهم !

.

استغرب أهل الضحية و تعجبوا فقد قرؤوا أمر العفو باعينهم ، و لكن السجان قرأهُ « بخشش لازم نيست . اعدامش کنيد » أي « لا حاجة للعفو عنه ، أعدموه » .

.
هذا الرجل ذهب ضحية سوء قراءة السجان الذي لم يفهم النص جيدًا و لم يعرف متى يتوقف و متى يستمر بالقراءة ، متى يأخذ بظاهر النص و متى يعرف تأويله ، و في نفس الوقت ذهب ضحية الممارسة العامة لهذا الملك الدموي و ما كونه من خلفية عن دمويته و بُعده عن مسائل العفو و الصفح لدرجة جعلت السجان يستبعد العفو و يقرا الامر على أنه أمر إعدام عاجل .

.
هذه القصة تصلح كمدخل لمناقشة قضية التنميط في الحوار ، معظمنا يملك تصورات عن الفئة المخالفة له و إن كانت هذه التصورات نابعة من الإطلاع على مصادره و طرقه و لكنها بنحو ما متشكلة من خلال قناعات هذا الشخص ذاته ، فأي تصرف أو قول يصدر من الطرف المخالف له أو حتى الموافق في احيانٍ شتى يتم تأويله بناءً على الصورة النمطية التي سبق و أن تم تكوينها عن هذا الشخص و فكره و غالبا ما تفسر على الوجه السلبي.

.
صحيح أن القضية غير مقتصرة على المنحنى الطائفي أو الجَدَلي في شان المذاهب فقط بل تمتد لكل الهويات الفكرية الأخرى سواءً داخل المدرسة نفسها أو مع المدارس الأخرى إلا أنه يتم ملاحظتها بشكل واضح في هذا الخصوص ، تأمل مثلاً لو قام أحدٌ ما و ليكن ( أ ) بوصف شخصية تاريخية بقوله ( أن فلان كان كذا و كذا و كذا من الصفات و الأفعال) و قوله هذا كان نقلاً حرفيًا بلا زيادة أو نقصان من مصدر معتمد للطرف الآخر ، بماذا سيفسر كلامه هذا ؟

.
بلا شك انه سيوضع في مرمى النيران لترديه من كل جانب ، لا لنقص فيه او لسوءٍ في كلامه بل لأن الطرف الآخر ( ب ) فسّر ما قال ( أ ) على أنه تهجم بحت رغم أنه مذكور بكتاب معتمد و القول أيضًا معتمد بلا اشكال * و جلّ ما قام به هو نقله ، و سبب هذا الهجوم عليه أن الطرف ( ب ) استحضر كل الأفكار المسبقة و الصور النمطية السلبية المتكونة عنده ضد ( أ ) بناء على ما استسقاه من معلومات آتية من محيطه المغلق و أوّل ما قاله ( أ ) بناءً على هذا الشيء فاستلهم أن أي شخص ياتي على ذكر هذا الـ " فلان " فإن مقصده هو التهجم فقط لا غير ، من ثمة حكمَ على نيته قبل أن يحكم على ما نقله من القول.

.
في الأصول هناك قاعده متعارف عليها يُطلق عليها اسم ( التأويل المقبول عرفيًا ) و تقود إلى أنه إذا عُرف شخصٌ ما بتوجهٍ سليم أو غير سليم ثم وجد في منهجه أو نصوصه شيءٌ لا يتناسب مع منهجه المعروف عنه فإنه يؤل حتى يوافق منهجه بما هو مقبول عرفيًا .

.
هذه القاعدة مهمتها أن تؤكد على ( حقيقة الفهم ) لمطالب هذا الشخص و ما يمثله ، بحيث انها تؤيد التجرد التام من كل صور النمطية مسبقة التكوين عنه و قراءة ما قاله بناء على فهمه الخاص المشهور عنه لتقطع الطريق على أي تأويل لا يجده الطرف الآخر معبرًا عن ذاته بسلامة .

.
ثاني مراحل فهم الآخر بعد ما ذكر في " الجزء السابق " هو ما يُعرف فلسفيا بمنهج " مسح الطاولة " لديكارت أي مسح المعارف السابقة المكتسبة و إعادة بنائها مجددًا بعيدا عن الفوضى الحاصلة ، بالتأكيد هذا لا يعني مسح كل شيء و لكن يعني إزالة الصورة النمطية و إعادة بناء المعرفة وفق ما يريده ذلك الطرف من نقله لا وفق ما نريد نحن أن نفهم كلامه بموجبه .

.
معظم الجدالات تنتهي إلى مزالق متدنية بسبب القابلية الكبيرة عند الجهلاء لتحويل أي كلمة أو استشهاد إلى أداة صراع لأنهم يرونها بمنظور " المهاجم " لا منظور " المحاور " و كنتيجة متولدة من هذا الشيء تراهم إما يعمدون إلى سياسة تكميم الأفواه بالصوت العالي و التهديد تارة ، و إما إلى محاولة زرع حاجز بين ما ينقله الطرف الآخر و بين من يتوجه لهم بالحديث من خلال تخويفهم و تصوير نقله على أنه ذو هدف سلبي و بقصد المشاكسة لا غير و هذا ما يفقد الكثير من الحوارات طعمها سيما بين العوام لأنها تهدد المتحاورين بسيف التسلط و الخطوط الحمراء غير المنطقية .

.
لفَهم الآخر يجب أولاً أن نفهم سياسته في الحديث و أن نفهم موقفه و لا يكون هذا الشيء إلا باعطائه الحرية في التعبير السليم عن معتقده و عن أدلته و عن طرقه في اثبات هذه المعتقدات أما حصره ما بين إما السكوت و الصمت او الموافقة على رأي أُحادي واحد فهذا دليل العجز المتمكن و الخوف المتوطن عند أصحابه .

.
فَهْم الآخر بحاجة لاستبعاد الصور النمطية و إزالة سيف التهديد أولاً و تقويل الأقاويل على أصحابها دون دليل ثانيًا و الأهم من ذلك كله قراءة ما يكتبه و يقوله بصورة صحيحة كما يريدها هو دون اجترار الصور النمطية و استعمالها وحدها لمحاكمة نوايا الكاتب قبل التيقن مما كَتب ، و هذا كله مشروط بواقع البحث العلمي كما ذكرنا شطرًا منه في الحلقات السابقة .

يتبع إن شاء الله ..

________________

* معنى هذا الكلام أن هذا القول المنقول مستوف لشروط الإلزام للطرف الآخر ، فهو يلزمه بما ألزم به نفسه و بما رضا به واقعا دون شبهة او اشكال .

..... لقراءة الحلقات السابقة :

2 فبراير 2009

و ثواكلٌ بالنوح تُسعد مثلها

وحي عاشوراء [ 13 ]


قراءة ثورة الحسين عليه السلام على أنها ثورة أو حركة قامت بناء على رد فعل معين في زمنٍ معين هو إساءة لهذه الثورة و لما أضافته أو بالأحرى أحيته من قيم إنسانية ثابتة قبل أن تكون ركائز إسلامية / دينية متأصلة ، هذه الحركة لم تكن لتأخذ مجراها المرسوم لها لولا الأرضية التي تهيأت لتفسح مجالا لتشييد بناء قضية كربلاء الخالدة فهي خاتمة بناء متراكب رُسم بعناية فائقة ليناسب هذه النتيجة التي ستحفر في ذاكرة البشرية ، هذا الدور العظيم الذي يُعتبر مجهولا عند الكثيرين كان مناطًا بالإمام الحسن عليه السلام ، سياسته و سيرته كانتا تعبيرا حركيا واضحا عن السياسة الإلهية إن صح التعبير عنها بهذا المصطلح .


.
لله سبحانه و تعالى سياسة تتمثل في أمرين مهمين لا يمكن فصلهما ، فهما و إن انفصلا لغويًا يظلان مندمجين فعليا الأول هو " الامداد " حتى تثبت الحجة فتكــون " الحجة البالغة " هي لله سبحانه و تعالى و بهذا يتم تحقيق الأمر الثاني .
سيرة الطغاة و الظلمة و المنحرفين دائما ما تكون سلسلة من التوفيقات إن جاز التعبير لتقريب المعنى للأذهان ، هذه السياسة تتمثل في الإمداد الإلهي لإزالة المعوقات { الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون } حتى تكون أفعال الإنسان شاهدة عليه حين يُلزم طائره في عنقه { وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ } فالحكم عليه ليس سوى نتاج حكمه هو على نفسه و اقراره بفعله ، فقد من وقّع عليه بإرادته .


.
أما الحجة القائمة فهي تتمثل في سياسة الله سبحانه في بعث الرسل لاتمام الحجة { لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل } أي لا يكون لهم سبيل أو مأخذ على ما سيصيرون إليه فهو بذلك قد أوضح للإنسان المخير صراطاته فإما حقًا و إما باطلاً و لكلٍ جزاؤه ، هذه السياسة تتمثل بالدنيا في ما يفعله من ارتضاه سبحانه ليكون هاديًا لسبيله فسيرة الرسل و الأنبياء و الأوصياء هي اقتباس واضح لممارسة هذه السياسة في اثبات الحجة و إلقائها و التصرف بمقتضاها دون إجبار { لئلا يكون للناس عليكم حجة الا الذين ظلموا منهم } لأن الإقرار على النفس لا يرده دليل و بذلك تتم حجة الله البالغة على عباده { قل فلله الحجة البالغة } و لا يكون لهم بعد ذلك ما يردون به الحكم .


.
دور الإمام الحسن عليه السلام في تشييد هذا الصرح في حضارة البشر لا يزال يُنظر له بنظرة قاصرة عن إدراك معناه لأنه يُربط بفترة زمنية معينة و أحداثها بينما من اللازم أن يُنظر له على أنه دورٌ ينظر للنتائج التي ستترتب على هذا الفعل في المدى البعيد ، فهو في حقيقته ليس تنازلا كما يحاولون تصويره إنما إثباتا للحجة و إلقاءً لها ، و امدادًا للطغاة حتى يروا الناس الفارق بين الاثنين ، فعله كان حجر الزاوية لرسم الحد الفاصل بين سياسة الدين و دين السياسة .


.
قيادته للأمة بعد استشهاد أبيه عليه السلام لم تكن قيادة دنيوية كما يدّعون أو يحاولون ذلك بل كانت قيادة دينية " و قضية الدين – و هو العلاقة بين العبد و ربه و هو النقطة التي يرتكز عليها مستقبله في حياته الأخرى – لا تشبه القضايا الدنيوية التي يجوز عليها أن تخضع في الكثير من علاقاتها لهوى النفس أو لتقاليد البيئة أو لعواطف الإنسان و ميوله و عصبياته " [1] .


.
موقف الإمام الحسن عليه السلام في هدنته و شروطه بها كانت اتمامًا للحجة الإلهية على هؤلاء الناس و اثباتا لموقف الإمامة الديني المُنصب من قِبل الله عز و جل فهو أوسع و أشمل من مفهوم إمارة دنيوية " تنال بحد السيف تارة و بالمكيدة و السياسة تارة أخرى " [2] فالدين أجل و أسمى من حد السيف و مكائد النفس ، أما لماذا كان موقفه حجة ؟
فإجابته هي نفسها الإجابة عن سبب مسير هذه السياسة الإلهية في البشر طوال تاريخهم و هي { ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة } ، فليس بمعجزٍ لله سبحانه أن يهدي الناس كلهم أو يضلهم كلهم و لكن في هذا خلاف العدل و اللطف و هو إجبارٌ ينافي التخيير الذي خلق وفقه الإنسان .
.
هذا الموقف النابع من البصيرة بهذا المجتمع يبين أن المرحلة لا تتحمل أكثر من تسجيل الموقف الصريح من معاوية نظريًا ليكون محفوظًا لأجيال المسلمين [3] و به يهيئ الأرضية لحركة الإمام الحسين عليه السلام ، بموقفه هذا يكون قد سحب كل تبرير يُمكن أن يُساق من قبل الظلمة و الطغاة و أصحاب الفتنة و من سار بركبهم و أقام الدليل على شرعية حركة أخيه الشهيد و ضرورتها و يؤيد ذلك ما روي عنه عليه السلام : " .. و قد رأيت أن أسالمه و أن يكون ما صنعت حجة على من كان يتمنى هذا الأمر { وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ } .. " .


.
لا يمكن اختزال مثل هذا الموقف و أسبابه و حيثياته في مقالة بسيطة لأن ما جرى من أحداث و ما رسمت من سياسات و قامت من براهين ساطعة على هذه الأساسات لا يمكن احتواؤها في سطورٍ قليلة قادرة على أن تدرك جميع زوايا الصورة ، و لكن يمكن استشفاف خلاصة الحديث في محاولة إدراك بعض مصاديق حركته عليه السلام و ما نتج عنها و من خلال هذه النتائج يمكن استنباط سبب مواقفه عليه السلام التي لم يستوعب كنهها الكثيرون ممن كانوا في ذلك العهد ، محاولة حصرها على فهم بعض من كانوا في ذلك الوقت مثل سفيان بن أبي ليلى على جلالة قدره و مكانته هو جريمة ترتكب في حق التاريخ لأن تلك المواقف منه عليه السلام لم تكن تنظر إلى واقعها الحالي بقدر ما كانت تنظر إلى ما ستولده في المستقبل و هذا سبب جهالة قدرها في زمنها و سبب عدم وضوحها عند بعض معاصريها ، و أماط اللثام عن جوهرها الحسين عليه السلام في عاشوراء لتبقى خالدة إلى هذا اليوم و حتى تقوم الساعة .


.
في أمالي الشيخ الصدوق رحمه الله عن الإمام زين العابدين عليه السلام :
" إن الحسين بن علي عليهما السلام دخل يوما إلى الحسن (عليه السلام ) فلما نظر إليه بكى فقال له : ما يبكيكَ يا أبا عبد الله ؟
قال : أبكي لما يُصنع بك !.
فقال له الحسن عليه السلام :إن الذي يُؤتى إليّ سم يُدس إليّ فأُقتل به ، ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله
يزدلف إليك ثلاثون ألف رجل يدّعون أنهم من أمة جدنا محمد (صلى الله عليه و آله) وينتحلون دين الإسلام ، فيجتمعون على قتلك وسفك دمك ، وانتهاك حرمتك ، وسبي ذراريك ونسائك وانتهاب ثقلك، فعندها تحل ببني امية اللعنة وتمطر السماء رماداً ودماً ويبكي عليك كل شيء حتى الوحوش في الفلوات والحيتان في البحار ...
".

.


في السابع من شهر صفر سنة 49 هـ


كانت شهادة الإمام الحسن المجتبى



فسلام عليه يوم ولد و يوم استشهد و يوم يُبعث حيا .








  • عنوان الموضوع :


هو شطر بيت من قصيدة للملا هاشم بن حردان الكعبي رحمه الله ( ت 1231 هـ ) ، و فيها يصور بعض مصائب و أحزان السيدة زينب عليها السلام ، و من أبيات هذه القصيدة :



و ثواكل في النوح تُسعد مثلها .. أ رأيت ذا ثكـل يكون سعـيدا
ناحــت فــلم تر مثلـهن نوائـحا .. إذ ليـس مـثل فقيــدهـن فقــيدا
لا العيس تحكيها إذا حنت و لا .. الورقاء تحسن عندها الترديدا
إن تنع اعطت كل قلب حسـرة .. أو تدع صدعت الجبال الميدا
عبراتها تحي الثرى لو لم تكن .. زفراتها تدع الرياض همودا
________________
[1] صُلح الحسن عليه السلام – الشيخ راضي آل ياسين .
[2] تاريخ الإسلام السياسي
[3] جواهر التاريخ ، ج 3 .