
النقطة السوداء في جسم الإنسان علامة جمال وكمال لأنها حبة خال، والعكس مع السماء صحيح! مقاييس الجمال والكمال التي نضعها لأنفسنا في الكثير من الأوقات تحجب الجمال الحقيقي في العالم الخارجي عنّا، ولا نراه، لأنه جمال لا يخضع لمثل هذه المقاييس.
.
ضوء هذه النجمة، كان ثمنه زوالها. بقيت وحيدة تعلن لنا أن منطقها كان منطق الشمعة، أحرقت نفسها حتى تنير سواد تلك الليلة الموحشة. لزمن يأبى التلون إلا بلون الباذلين فيه. إنها أبت ترك الستارة الدهماء تمر عليها مرور الكرام وتتخطاها لتحجبها دون أن تعارضها وتستوقفها، حتى وإن انتهت تلك النجمة، وأعلن نورها الواصل إلينا وفاتها، ليسطر في سوق الذاكرة مشاعر الفرح والسرور عندي، لأنّ شيئًا ما، قال في يوم من الأيام .. لا .. ثم أثبت موقفه بأن اخترق جدار الظلمة، على حساب بقائه.
.
لكل شيء في هذه الخليقة ثمن، يقل أو يكثر، يزيد أو ينقص، لكنه يظل ثمن يجب دفعه. قد لا تعتبر الأثمان في بعض الأحيان متناسبة مع المثمن، ولعل ذلك يعود إلى أنّ الثمن وضع متناسبًا مع أشياء نجهلها، ولا نراها، ولا نعلم قدر الجهد الذي بذل فيها. كالعادة نجنح إلى الحكم السريع على المظهر النهائي للأشياء ونتناسى الآلية الطويلة التي مرت بها حتى تصبح على هذا الشكل.
.
إلى أي درجة قد تصل القدرة على التضحية؟
لا أظن أن تلك النجمة هي مجرد حادثة عابرة تمر مرور الكرام، ولا أعتقد أنها كانت عبثًا، لكنها أرادت إرسال رسالة، وإعطاء إشارة، بأنّ «الغبن لا يلحق أحد إذا دفع غاليه فيما يستحق». هي عبرة لنا بني البشر، قليل هم الذي يلتفتون لها في خضم الحياة. معتركها يفرض على الإنسان أن يجعل من الفضائل أشياء ثانوية. قال أفلاطون لسقراط «إنّ ما يكوّن فضيلة الرجل هو أن يكون ما ينبغي أن يكون..»، ومعظم الناس ليس كما ينبغي أن يكونوا!
.
تفرض الحياة عليهم مساراتها، وتقيدهم لمجاراتها. فتُكتم الحقائق خوفًا من الفضيحة، وتجمّل الوقائع هربًا من الحقيقة، ويخدع الناس أنفسهم بأن الوقت ليس مناسبًا لتصفية الحسابات، وزمن الإنشغال بنقد المخطين، وتحطيم أساطير الخادعين، سيأتي لاحقًا حين ننتهي من (الأولويات). على غلاف "ساحرة بورتوبيللو" يقول كويلو: «الناس يوجدون واقعًا ليصبحوا من بعدها ضحايا لهذا الواقع الذي أوجدوه..» وهذه هي باختصار قصة هذه الأولويات التي لا تنتهي.
.
يتصور الكثيرون امتلاكهم للقدرة على النقد السليم، وعلى الإرادة للاعتراف بما هو خطأ، والإذعان لما هو صحيح، بكلمة أخرى، يلقنون أنفسهم القدرة على الإيمان بالحقيقة، ويتصورون أنهم وصلوا للحقيقة المطلقة، في الغالب هم توصلوا لما يتصورونه حقيقة، لا للحقيقة بذاتها. وتراهم يدافعون باستماتة عن هذه الحقيقة، وفي قرارة أنفسهم يعلمون أنهم يدافعون عن تصوراتهم الذهنية، وميولهم النفسية. أحدهم في يوم من الأيام اعتبر نفسه وصل للحقيقة ومضى يثير التساؤلات حتى يستميل الناس لها، أذكر أنني سألته سؤالاً، بعد إجابته قررت الاكتفاء بالإبتسام وتركته ليغرد بأحلامه التي اعتبر بها نفسه على المحجة البيضاء(!). ليس عجبًا أن يقضي بيكون حياته في التحذير من الوقوع أسرى للعقل،الموجود المفترض أن يكون أسمى ما فينا. إنّ الحقيقة مرّة بمرارة الدواء: شر لابد منه. وعلى قدر تقبّل مرورتها يكون الإقتراب من الإعتقاد بها، وعلى شدة محاربتها يكون الإبتعاد عنها، وكم من محارب لها وهو لا يعلم فعقله أسير لهوىً أمير!
.
ما بين الأحلام والحقائق، خط رفيع، بسماكة الجفن. والناس غالبًا يفضلون الأولى، فهي تبرر لهم سلوكياتهم وآرائهم وتجعلهم يتآلفون مع أخطائهم فلا يشعرون بجرمها، وبمرورتها، بينما تقتضي الحقائق ذلك لأنها تمثل الواقع والإنسان بطبعه يحب أن يهرب من الواقع إلى الخيال دائمًا .. فخلع على النوم ثياب السلطان!
.
«دافعتي أكبر من جاذبتي .. !» كانت احدى الجمل الإعتراضية منه عليّ أثناء نقاشي معه. وبعد أن قرأت الرواية، عرفتُ (لماذا) بصورة أفضل. فالصياد يعي الماء أفضل من السمكة.
.
ضوء هذه النجمة، كان ثمنه زوالها. بقيت وحيدة تعلن لنا أن منطقها كان منطق الشمعة، أحرقت نفسها حتى تنير سواد تلك الليلة الموحشة. لزمن يأبى التلون إلا بلون الباذلين فيه. إنها أبت ترك الستارة الدهماء تمر عليها مرور الكرام وتتخطاها لتحجبها دون أن تعارضها وتستوقفها، حتى وإن انتهت تلك النجمة، وأعلن نورها الواصل إلينا وفاتها، ليسطر في سوق الذاكرة مشاعر الفرح والسرور عندي، لأنّ شيئًا ما، قال في يوم من الأيام .. لا .. ثم أثبت موقفه بأن اخترق جدار الظلمة، على حساب بقائه.
.
لكل شيء في هذه الخليقة ثمن، يقل أو يكثر، يزيد أو ينقص، لكنه يظل ثمن يجب دفعه. قد لا تعتبر الأثمان في بعض الأحيان متناسبة مع المثمن، ولعل ذلك يعود إلى أنّ الثمن وضع متناسبًا مع أشياء نجهلها، ولا نراها، ولا نعلم قدر الجهد الذي بذل فيها. كالعادة نجنح إلى الحكم السريع على المظهر النهائي للأشياء ونتناسى الآلية الطويلة التي مرت بها حتى تصبح على هذا الشكل.
.
إلى أي درجة قد تصل القدرة على التضحية؟
لا أظن أن تلك النجمة هي مجرد حادثة عابرة تمر مرور الكرام، ولا أعتقد أنها كانت عبثًا، لكنها أرادت إرسال رسالة، وإعطاء إشارة، بأنّ «الغبن لا يلحق أحد إذا دفع غاليه فيما يستحق». هي عبرة لنا بني البشر، قليل هم الذي يلتفتون لها في خضم الحياة. معتركها يفرض على الإنسان أن يجعل من الفضائل أشياء ثانوية. قال أفلاطون لسقراط «إنّ ما يكوّن فضيلة الرجل هو أن يكون ما ينبغي أن يكون..»، ومعظم الناس ليس كما ينبغي أن يكونوا!
.
تفرض الحياة عليهم مساراتها، وتقيدهم لمجاراتها. فتُكتم الحقائق خوفًا من الفضيحة، وتجمّل الوقائع هربًا من الحقيقة، ويخدع الناس أنفسهم بأن الوقت ليس مناسبًا لتصفية الحسابات، وزمن الإنشغال بنقد المخطين، وتحطيم أساطير الخادعين، سيأتي لاحقًا حين ننتهي من (الأولويات). على غلاف "ساحرة بورتوبيللو" يقول كويلو: «الناس يوجدون واقعًا ليصبحوا من بعدها ضحايا لهذا الواقع الذي أوجدوه..» وهذه هي باختصار قصة هذه الأولويات التي لا تنتهي.
.
يتصور الكثيرون امتلاكهم للقدرة على النقد السليم، وعلى الإرادة للاعتراف بما هو خطأ، والإذعان لما هو صحيح، بكلمة أخرى، يلقنون أنفسهم القدرة على الإيمان بالحقيقة، ويتصورون أنهم وصلوا للحقيقة المطلقة، في الغالب هم توصلوا لما يتصورونه حقيقة، لا للحقيقة بذاتها. وتراهم يدافعون باستماتة عن هذه الحقيقة، وفي قرارة أنفسهم يعلمون أنهم يدافعون عن تصوراتهم الذهنية، وميولهم النفسية. أحدهم في يوم من الأيام اعتبر نفسه وصل للحقيقة ومضى يثير التساؤلات حتى يستميل الناس لها، أذكر أنني سألته سؤالاً، بعد إجابته قررت الاكتفاء بالإبتسام وتركته ليغرد بأحلامه التي اعتبر بها نفسه على المحجة البيضاء(!). ليس عجبًا أن يقضي بيكون حياته في التحذير من الوقوع أسرى للعقل،الموجود المفترض أن يكون أسمى ما فينا. إنّ الحقيقة مرّة بمرارة الدواء: شر لابد منه. وعلى قدر تقبّل مرورتها يكون الإقتراب من الإعتقاد بها، وعلى شدة محاربتها يكون الإبتعاد عنها، وكم من محارب لها وهو لا يعلم فعقله أسير لهوىً أمير!
.
ما بين الأحلام والحقائق، خط رفيع، بسماكة الجفن. والناس غالبًا يفضلون الأولى، فهي تبرر لهم سلوكياتهم وآرائهم وتجعلهم يتآلفون مع أخطائهم فلا يشعرون بجرمها، وبمرورتها، بينما تقتضي الحقائق ذلك لأنها تمثل الواقع والإنسان بطبعه يحب أن يهرب من الواقع إلى الخيال دائمًا .. فخلع على النوم ثياب السلطان!
.
«دافعتي أكبر من جاذبتي .. !» كانت احدى الجمل الإعتراضية منه عليّ أثناء نقاشي معه. وبعد أن قرأت الرواية، عرفتُ (لماذا) بصورة أفضل. فالصياد يعي الماء أفضل من السمكة.
.
فيما يُروى عن أمير المؤمنين عليه السلام «إذا أقبلت الدنيا على أحد أعارته محاسن غيره، وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه»، وليس من إدبار أكبر من أن يتم ’تنميطك‘ و ’ تصنيفك‘ لمجرد أنك كتبت وقلت وتحدثت عن أشياء يرفض الآخرون الإعتراف بها، عن أمور يفضلون وضعها تحت السجادة والإدعاء بعدم وجودها، ويستحسنون تأجيلها إلى ما لا نهاية، وعن قضايا يعتبر الحديث عنها في مثل هذا الوقت محرمًا لأن هناك قضايا أهم وأكبر، قضايا –حسب الظاهر- لم ولن تنتهي أبدًا.
.
لماذا يعتبر الناس الحديث عن (المسكوت عنه) جرمًا يسبب الضعف؟
بينما هو سبب القوة، فلا أفضل من أن تجعل كل شيء في مقامه. هذا السكوت هو الذي يغذي الأوهام، ويجعل الاحلام بمثابة الحقيقة، ويصبح مثل أولئك الحالمون مصيبون، وأنهم أصحاب الحق وحده، لنرى أنفسنا فجأة نعيش في غابة من الأصنام الفكرية والذهنية نمت وترعرت بماء السكوت وتربة التأجيل وهواء المصالح.وإن حاولت يومًا تبيان ذلك «استضعفك القوم وكادوا يقتلون» بأقلامهم وألسنتهم وأفعالهم وكلماتهم. باختصار مؤسف هذه هي مسيرة البشرية وسيرتها، مثلما فعل بنو إسرائيل مع هارون!
.
الثمن لا يدفعه الباذلون فقط، إنما يدفعه حتى أولئك الذين يرون ما لا يراه الآخرون، والذين يصرون على أن يكونوا كما ينبغي أن يكونوا، لا كما يريدهم المجتمع، أو تفرضه عليهم الحياة، الذين لم يحترفوا لعبة التنازلات، أو يشتغلوا بالشعارات، وانتهوا بتحوّلهم إنعكاسًا للآخرين، يدافعون عن أصنام أذهانهم وينسبون لها كل محاسن الآخرين. هذا هو نفسه الثمن الذي دفعته تلك النجمة حين تمردت على سواد الليلة، ورسالتها: من أراد شيئًا فعليه تحمّل ثمنه، وإن كان غاليًا .. مكلفًا.
.
ثلاثية لم يكتبها أديب مشهور، ولا تخلو من نقد، لكنها تستحق الاحترام والإشادة، لأنها أتت في زمن فيه «رحل (عالم ثائر) وجاء (جاهل تاجر)..
عندها خاب الرجاء، وانقطع الأمل، وضاع الجنيُ، وتلف الحصاد، وأعصفت به الريح في مهبها.. فهدر الثمن!»
فيما يُروى عن أمير المؤمنين عليه السلام «إذا أقبلت الدنيا على أحد أعارته محاسن غيره، وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه»، وليس من إدبار أكبر من أن يتم ’تنميطك‘ و ’ تصنيفك‘ لمجرد أنك كتبت وقلت وتحدثت عن أشياء يرفض الآخرون الإعتراف بها، عن أمور يفضلون وضعها تحت السجادة والإدعاء بعدم وجودها، ويستحسنون تأجيلها إلى ما لا نهاية، وعن قضايا يعتبر الحديث عنها في مثل هذا الوقت محرمًا لأن هناك قضايا أهم وأكبر، قضايا –حسب الظاهر- لم ولن تنتهي أبدًا.
.
لماذا يعتبر الناس الحديث عن (المسكوت عنه) جرمًا يسبب الضعف؟
بينما هو سبب القوة، فلا أفضل من أن تجعل كل شيء في مقامه. هذا السكوت هو الذي يغذي الأوهام، ويجعل الاحلام بمثابة الحقيقة، ويصبح مثل أولئك الحالمون مصيبون، وأنهم أصحاب الحق وحده، لنرى أنفسنا فجأة نعيش في غابة من الأصنام الفكرية والذهنية نمت وترعرت بماء السكوت وتربة التأجيل وهواء المصالح.وإن حاولت يومًا تبيان ذلك «استضعفك القوم وكادوا يقتلون» بأقلامهم وألسنتهم وأفعالهم وكلماتهم. باختصار مؤسف هذه هي مسيرة البشرية وسيرتها، مثلما فعل بنو إسرائيل مع هارون!
.
الثمن لا يدفعه الباذلون فقط، إنما يدفعه حتى أولئك الذين يرون ما لا يراه الآخرون، والذين يصرون على أن يكونوا كما ينبغي أن يكونوا، لا كما يريدهم المجتمع، أو تفرضه عليهم الحياة، الذين لم يحترفوا لعبة التنازلات، أو يشتغلوا بالشعارات، وانتهوا بتحوّلهم إنعكاسًا للآخرين، يدافعون عن أصنام أذهانهم وينسبون لها كل محاسن الآخرين. هذا هو نفسه الثمن الذي دفعته تلك النجمة حين تمردت على سواد الليلة، ورسالتها: من أراد شيئًا فعليه تحمّل ثمنه، وإن كان غاليًا .. مكلفًا.
.
ثلاثية لم يكتبها أديب مشهور، ولا تخلو من نقد، لكنها تستحق الاحترام والإشادة، لأنها أتت في زمن فيه «رحل (عالم ثائر) وجاء (جاهل تاجر)..
عندها خاب الرجاء، وانقطع الأمل، وضاع الجنيُ، وتلف الحصاد، وأعصفت به الريح في مهبها.. فهدر الثمن!»
لتعلمنا كم هو غالٍ هذا الثمن.
شكرًا .. عباس بن نخي، ولما خطته يمينك في (الثمن).
شكرًا .. عباس بن نخي، ولما خطته يمينك في (الثمن).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الصورة هي غلاف رواية ( ثلاثية الثمن ) لـ عبّاس بن نخي.