4 سبتمبر 2011

الـسـؤال

كل يوم في حياتي يعني المزيد من الأسئلة، عنّي وعمّا حولي. طبيعة الحياة أنها مليئة بالتساؤلات ونكهتها تأتي من الغموض الذي تقود إليه هذه الأسئلة، تخيّل رواية بوليسية كُتبت على نسق الأخبار في الصفحات الوسطى من الجريدة، أسلوب إنشائي يكتفي بالوصف وصولاً للنتيجة، من سيقرأها؟

مهما كانت مبدعة في محتواها فإن خلوها من الأسئلة يعني أنها لم تكتب للأذهان بل كتبت للأسماع، شيءٌ نمر عليه مرورًا عابرًا ثم ننساه كما ننسى معظم الأخبار التي نسمعها في الإذاعة ونحن في طريقنا بالسيارة لأي مكان.

والسؤال نفسه في الحياة نوعان، سؤال سطحي وآخر عميق. معظم الناس يكتفون بالسطوح من الأشياء لأنهم يعيشون على سطح الحياة مكتفين بما هو في واقعهم من ارتباطات وأحداث يتفاعلون معها تارة وأخرى يهملونها حتى تأتي لحظة النهاية، وقليل يلتفت إلى الأسئلة العميقة التي لا تريد منك العودة إلى التاريخ لتكتب الحاضر وتستشرف المستقبل، أو تريد منك أن تضع ذهنك في حالة استقبال لكل الآراء والكلمات والمقالات بحجة انتخاب الأحسن، ولا تريد منك في ذات الوقت أن تعيش التوّتر في صراع الذات مع المجتمع، وصراع الـ أنا مع الـ نحن، والوقوف مشدوهًا أمام كل كلمة لأن المعرفة أوسع من أن تحيط بها، واشتمالها كلها يفوق قدرات الإنسان.

إنّ الإجابات، كما يقول أحد الأفاضل، في كل مكان، ومن السهل جدًا الوصول إليها، لكن من الصعب جدًا أن تطرح السؤال الذي يقودك إلى هذه الإجابات المطلوبة. كأنك تملك مكتبة فيها من كل شيء إنما امتلاكك لها لا يعني أنك عرفت كل شيء طالما أنّ هذا الامتلاك لم يتحول إلى استحواذ على ما في بطونها، واقتدارٍ على هضم ما فيها. وهذه هي مشكلة المعرفة في هذا العصر أنّها ركزت على الاجابات أكثر ممّا ركزت على الأسئلة فتحولت المعرفة إلى أغلفة كتب تزيّن الأرفف وإلى مجرّد مصطلحات ومسمّيات تتناقلها الألسنة وعلى قدر ذكرها تباهيًا بها أمام النّاس يكون تقييمك عندهم.

ليس من مهمة السؤال أن يكشف كل المعرفة لك إنما مهمته أن يضعك على الطريق السليم الذي يوصلك لها، فالمعرفة التي تعتمد على حاسة البصر لا يمكن إدراكها بحقيقتها بحاسة السمع فقط فلكل شيء أداته التي تناسبه. قد يفهم الكثيرون من عبارة السؤال العميق هو التساؤل عن الوجود، الأسئلة الثلاثة المشهورة: من أين؟ وفي أين؟ وإلى أين؟

من أين أتيت، وفي أين وُضعت، وإلى أين أتجه؟ هذه الأسئلة هي رأس الجبل وما وراءها هو ما يُضفي عليها القيمة وإلا فإنها بذاتها طرحها المؤمن والملحد والمادي والروحاني على حدِّ السواء. السؤال الأهم وراء الأسئلة هو: لماذا أسأل هذه الأسئلة؟ معظم المفكرين والفلاسفة أهملوه وانطلقوا في إجابة الأسئلة الثلاثة السابقة ومنها وصلوا له بينما أرى أن تبدأ منه ومنه تنطلق نحو اجابتهم. لماذا قُدّر لي أن أعيش معاناة طرح الأسئلة؟ ولماذا قُدّر لي أن أكون متسائلاً؟ في جلسة مع أحد الأصدقاء اكتشفت أن جميع الأجوبة التي تتناقل عن امتياز الإنسان بالعقل، ودور الفطرة في حياته، وانجذابه نحو المطلق، وسعيه نحو الكمال، وغيرها صحيحة لكنها اجابات وصفية تصف لك «ماهيّة هذا الإنسان» أي أنها تُبيّن لك أنّ هناك ما يدفعه قهرًا نحو السعي، وأنّ من طبيعته التساؤل لأنه لا يحب أن يتصور نفسه جاهلاً فهذا نقص في حقه، ولا يهمه مدى صحة اجاباته أو معرفته طالما أنه يمتلك اجابة تُسكت الأسئلة عنده، ولو كانت ساذجة .. المهم أنها اجابة وكفى.

الوصف يقدم لك طريقة توّلد السؤال، ولا يقدم لك سبب وجوده في الأساس، كما أن التفسير العلمي يقدّم سبب تحوّل الماء إلى ثلج لكنه لا يقول لك لماذا صار ثلجًا ولم يصبح غازًا تحت نفس الظروف؟ ما أراه أنّ هذا التساؤل في الإنسان إنما وُجد حتى يكون تذكيرًا دائمًا بـ الغاية عند الإنسان، شيء أُجبر عليه الإنسان ولم يوجده هو بنفسه فيه لذلك يتملل معظم النّاس من كثرة الأسئلة في أذهانهم فيجعلونها في خزائن النسيان، وطوايا الإهمال، أتخطر أن نيتشه في «هذا الإنسان» يذكر أنه لم يشغل نفسه يومًا بالبحث عن إجابة لهذه الأسئلة!

التساؤل هو تذكير دائم بالغاية التي هي تذكير دائم لهذا الإنسان لأن يبحث عن مهمته الحقيقية ودوره الواقعي، دون أن يتقمص دور المسؤول عن مهمات الآخرين أو ينفذ  أدوارهم أو ينتظر نقطة ليبدأ فيها الإحساس بوجوده. كالذي يتصوّر أن مسؤولية العالم ملقاة على عاتقه وأن كل ما يجري هو خاطئ وأن الظلام هي محطة النفق الأخير للأرض وكأنّ حكمة الله الذي يؤمن بها لا وجود لها، أو كأنه يريد ازاحته لأن يرى في نفسه الأقدرية –والعياذ بالله- على تصريف أموره وأمور الدنيا التي لا يعجبه جريانها.

إذا كانت الأسئلة السطحية التي تتعلق بأمور المعيشة هي التي يشغل بها الغالبية من البشر أذهانهم عن الأسئلة العميقة خوفًا مما تتطلبه من مجهود في اكتشاف الذات وعلاقتها بما حولها، فإنّ هذا التعريف للأخيرة هو بحد ذاته هروب من تعريف الأسئلة العميقة. سألت أحدهم يومًا وقد عكف كما لم أر أحدًا مثله على كتب التاريخ ليُجيب بواسطتها عن الكيفية التي سيكون عليها المستقبل: وبعدين؟ ولا زلت انتظر اجابته!

لماذا يشغلنا المستقبل بهذه الصورة؟ ببساطة لأن الموظف البسيط يُحب أن يفكر بنفسه وهو على كرسي المدير، وهذا لا يمكن أن يكون إلا بالمستقبل! يطمع بدور أكبر من دوره حتى يمكن أن يرى لوجوده قيمة، وفائدة. ينتظر نقطة في مكانٍ ما، أو زمانٍ ما حتى يبدأ الإحساس عنده بأنه موجود.

معظم الناس يأتون للدنيا ببكاء، ويغادرونها بنحيب، رغم كل ما اكتسبوه من علوم ومعارف، لأنّ العلم بلا نور القلب* لا يختلف عن العلم بأحوال الحيوانات، قد تأمنك من خطرهم وتُعرفك التعامل معهم لكنه لن يُعرفك أبدًا كيف تعيش حياتك.

التساؤل العميق ليس عن سبب الوجود، ودورك الذي ستلعبه فيه أو أثرك الذي ستتركه بعدك هذه كلها أشياء فرعية من الأهم وهو الغاية من الوجود، والتساؤل هو اثبات لاستمرارية هذه الغاية في كل لحظة وكل مكان. فالغاية ليست في معرفة «كيف تعبد» التي يتيه الناس وهم يتصارعون مع أنفسهم والآخرين لتحقيقها، ويطلبونها في الأشياء والعلوم والناس، إنما الغاية في معرفة «من تعبد؟» .. إذا عرفت اجابة هذا السؤال، سيُعرفك هو كيف تعبد دون تعب.
  السؤال العميق لا يطلب منك إجابة، إنما يطلب منك معرفة .. والمعرفة هي التي ستنجيك من كل صراعاتك.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*عن الإمام الصادق عليه السلام: لَيسَ العِلمُ بِكَثرَةِ التَّعَلُّمِ ، إنَّما هُوَ نورٌ يَقَعُ في قَلبِ مَن يُريدُ اللهُ أن يَهدِيَهُ ، فَإِذا أرَدتَ العِلمَ فَاطلُب أوَّلًا في نَفسِكَ حَقيقَةَ العُبودِيَّةِ ، واطلُبِ العِلمَ بِاستِعمالِهِ واستَفهِمِ اللهَ يُفهِمكَ.

31 أغسطس 2011

العيد الذي عاد

هناك شعور متجذر بالدين عند الإنسان، فـ"الحاجة الدينية مغروسة في الشروط الأساسية لوجود النوع الإنساني" بغض النظر كون هذا الدين مرتبط بالله الواحد الأحد أم بغيره من المخلوقات. يُعرّف إريك فروم الدين على أنه: "نظام للفكر والعمل تشترك في اعتناقه جماعة من الناس يعطي لكل فرد في الجماعة إطارا للتوجه وموضوعًا يكرس من أجله حياته"[1]. وعليه يكون تعريفه شاملاً لكل الأنظمة الفكرية بما فيها الإلحادية على أنها دين يعتنقه أفرادٌ من النّاس. وهذا التحزّب أو التنمّط أو الاعتناق هو استجابة لشعور متجذر بضرورة الإرتباط بما يغذي الجانب الروحي عند الإنسان على تفاوت مراتب هذا الغذاء، سطحيًا كان أم عميقًا.
للعلامة الطباطبائي استنباط لطيف مرتبط بهذه النقطة في ذيل الآية الشريفة {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}. فهو يشير أن غاية خلق البشر والجن غرض مرتبط بهم، لا بالله عز وجل، «و أن الغرض هو العبادة بمعنى كونهم عابدين لله لا كونه معبودًا للناس» فلو كان خلقهم كي يصبح معبودًا لكان يريد الاستكمال بعبادتهم، «فقد قال "ليعبدون" و لم يقل لأعبد أو لأكون معبودا لهم» كما في الحديث القدسي "خَـلَـقتُ الخلق لكي أُعرف" لا لكي يعرفوني. فالعبادة غرض لخلقة الإنسان وكمال عائد إليها هي وما يتبعها من الآثار كالرحمة و المغفرة و غير ذلك [2].
وقد يُطرح سؤال عمّا هي العبادة؟
وجوابه: بمعناها الشامل لاتقتصر فقط على مجرد أداء الشعائر الدينية الجسمية الروحية من صلاة وصوم وحج وغيرها ، وإنما تعني الالتزام المخلص والأمين بمباديء الإسلام وتعليماته فى كل شؤون الحياة . فحسن استغلال البيئة عبادة والمحافظة عليها وصيانتها لتستمر إلى ما شاء الله تنتفع بها البشرية كافة حتي يرث الله الأرض ومن عليها عبادة ، وإماطة الأذى عن الطريق عبادة وعدم تلويث الماء والهواء عبادة، وحسن استعمال المرافق العامة والخاصة من طرق ومياه وكهرباء ومؤسسات مختلفة (مدارس ـ مستشفيات ـ مصانع وغيرها) بأسلوبٍ راشدٍ عاقلٍ عبادة[3].
العيد في كل الأديان هو عنصر جوهر من عناصر العبادة[4]. حتى في الأنظمة العلمانية، والشيوعية التي هي أكثرها معاداةً وانفكاكًا عن الدين بمعناه الخاص جلّ ما فعلته هو استبدال الأيام المقدّسة، الأعياد التي هي «المحفل المقدس» كما يعبّر عنها في العبرية أو «أيّام المقابلة مع الله» كما في المسيحية[5]، إلى أيّام المقابلة مع فكر القيادة والاحتفاء بالشجرة والجيش! إنزالٌ من المقدّس العالي إلى تقديس الداني كمحاولة للتغلّب على هذه الضرورة التي لا تغيب عن الإنسان.
تكمن إحدى فلسفات العيد في إعادة الإنسان إلى توازنه بعد الاستغراق إما في الدنيا، وإما في العبادة، فكلاهما يعمل على فصله إما عن واقعه الخارجي المتمثل بما يحيط به، أوعن واقعه الداخلي المتمثل بجوهره النفساني الذي يربطه بـ اللا متناهي، الوجود الأعلى. كانت الطقوس الدينية المرتبط بالأيام المقدسة في الأزمان القديمة تعبيرٌ عن الشعور الوجداني عند الإنسان بوجود قوة قاهرة تتحكم في مسير حياته، وهذه القوة تدفعه إلى أن يحاول استرضاءها نتيجة إمّا بُعده عنها باقي الأيام، أو نتيجة احساسه بأنّها تملّ من كثرة إلحاحه عليها، ويكون ذلك بتقديم القرابين أو بممارسة شعائر يتفرغ فيها إلى خدمة هذه القوة بما يتصورّه مستجلبًا لرضاها ومن ثم لا تتدخل سلبًا في حياته.
الشعوب البدائية كانت تعيش حالة مستمرة من الخلق اليومي لعالمها، بمعنى أنّ العقاب والجزاء لا يرتبط بمرحلة الزمن الأخروي إنما الزمن الأول – الذي يعيد انتاج الأحداث اليومية دائمًا - وطالما مارست طقوسها الدينية بشكلها الصحيح - كما تتوهم - فإنها تخلق نوعًا من الأبدية الدائمة لـ يومها، وما يرتبط به فقط دون أي أثر أو اعتبار لمفهوم المعاد بمعناه الدارج[6]، فهي تعيش ضمن دائرة مغلقة هي مبتدأها ومنتهاها ولاشيء قبلها أوبعدها.
هي نفسها الشعوب التي نتيجة لرؤيتها السطحية هذه للزمن، تصوّرت الإله في التجلّيات التي رأتها لقدرته في فيضان الأنهر، أو الأعاصير وأعراضها، أو حيوانات الطبيعة المفترسة التي تهدد وجود هذه التجمعات البشرية وتُحّجم من قوتها، وتهددها. كثيرة هي التفسيرات التي حاولت تفسير هذا الخلط ما بين تجلّي القدرة وما بين صاحب [علّة] القدرة، الدكتور شايغان يطرح فكرة «الوعي غير الناضج» أي أنّ الـ أنا عند أفراد هذه المجتمعات غير منفصلة عن وعيهم، ومن ثمّ فإن إدراكهم لأي شيء هو إدراك بصورة مشوّهة ومنقوصة للواقع لكونه قائم على صور جزئية تزوده بها حواسه المحدودة، ولم يتطور الوعي بالأنا إلى درجة فصلها عمًا سواها. كان لا يتصور وجود الفاصلة ما بين ذاته هو وما بين فعله، كما لم يتصور أنّ حالاته البشرية من غضب وفرح وحزن وإحساس بالرغبات العارمة هي أشياء لا تنطبق على تلك القوة القاهرة، لقد تصوّرها بذهنه، مثله .. إنسانٌ إنما بطاقة أكبر.
ورغم تطوّر الوعي الإنساني بإحداثه لشرخ جعل وعيه يستقل عن الـ أنا[7]، ومن ثم تطور مفهوم الزمن عنده، ومن خلال هذا التطور توسعت مداركه وبات أكثر فهمًا لمنظومة العالم، إلا أنّ هذا الإحساس لم يسلب منه الشعور بالتوجه ناحية شيء ما يقهره بغيبه وغموضه وسطوته مهما اختلفت تسمياته: اليد الغيبية للطبيعة، أو الإرادة العبثية، أو الوجود، أو العلم الذي بات يرتدي أثوابًا ليست له ليتقمص دورًا ليس له، أو الدولة، وصولاً إلى كل المفاهيم التي اخترعها ليبتعد عن الله عز وجل، رغم أنّ كماله في التوجه له لا لغيره. ونتيجة لذلك لا يزال للعيد ذلك المعنى الذي لم يندثر رغم تطور الإنسان، «ولو تأملت حق التأمل وجدت هذه الحضارة الحاضرة ليست إلا مؤلفة من سنن الوثنية الأولى ، غير أنها تحولت من حال الفردية إلى حال الإجتماع ، و من مرحلة السذاجة إلى مرحلة الدقة الفنية»[8]
هكذا، يظهر أن كل الأشياء ليست خاضعة لمفهوم التبدّل والتغيّر، قد نضيف عليها بعض الأشياء كنكهات وبهارات لكنها تحت أطنان الماكياج هذه تظل كما هي بصورتها الأوليّة، منها العبادة التي هي دورٌ لن يستطيع الإنسان تجاوزه. إحساسه بالنقص يجبره على استلهام عبادة يسد بها هذا الشعور، ومهما وصل به غروره واستكباره فإن غاية ما يفعله هو "تحوير" لمظاهر ومعاني عبادته ويظل جوهرها واحدًا، ويبقى العيد يعود دائمًا مذكرًا الإنسان بأنه بحاجة لأن يتطهر من الأدران التي يكتسبها من معيشته بكل ما فيها من مماحكات ومراوغات وإلتفاف على الذات ولا يكون ذلك إلا بالتوجه لمن له القدرة على ذلك، وأنه بحاجة لأن يعيد للزمن اعتباره كشاهٍد على كون الإنسان مهما أتى بتعاريفٍ جديدة له فإنه يتوقف على اعتابه معتبرًا إياه دائمًا المنطلق نحو «البداية الجديدة» لكونه إلى اليوم لازال يكرر نفس نهايات الإنسان الأوّل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] الإنسان بين الحقيقة والمظهر، ص127 و128

[2] راجع تفسير الآية في الميزان المجلّد 18 والتفصيل في العدل الإلهي للسيد كمال الحيدري الدرس 46

[3] راجع العدل الإلهي، الحيدري، درس 46 وفيه عدة إشكالات وأجوبتها على هذه الآية.

[4] الأعياد السيدية، الأب يوحنّا ميشيل.

[5] المصدر السابق.

[6] داريوش شايغان، الأصنام الذهنية، ص 134.

[7] نفس المصدر

[8] الطباطبائي، الميزان المجلّد 4.

19 أغسطس 2011

لأنك .. علي


أن يعطيك أحدهم بكفه شيئًا، فتقطعها طمعًا بما في جيبه، هي حادثة تختزل في ثناياها طبائع الناس منذ الأزل، كانوا ولا زالوا متحركين بالأطماع، ناقمين على الأوضاع. وما أسهل أن تبكِ على شجرة قُطعت ثم تمسح عينيك بمنديلٍ صُنع من جذعها المقطوع!
تلّون الأيام الجارية النفوس بأصباغها، تارة تنيرها بإشراقاتٌ من ضيائها وأطوارٌ أخرى تضفي عليها ظِلال ظُلماتها. وفي أرض لم تعد سوى مسرح تُعاد عليه أحداث البشر باتت النجوم المتلألئة فيه تَفِلُ واحدة بعد أخرى متيقنة أنّ نفسًا ترتدي حواجب عن حقائقها لا تستحق إلا أن تجابه مصيرها الذي تختاره بيدها .. مصير الظُلمة.
الإنسان ليس شرًا، وفي داخله جذوة الخير دائمًا مشتعلة، لكنه غالبًا لا يعرف كيف يُخرج هذه الشعلة .. فيُطفؤها، كما عرف ابليس وفرعون ما همّ عليه من قدرة وطاقة وقوة لكنهم لم يعرفوا تصويرها والاستفادة منها. كمجرى ماء عذب غَلَبَه عنفوانه فانحاز في مساره ليصُبَّ في مستنقعٍ آسن، فلا عاد الماء عذبًا، ولا صار المستنقع نَضبًا.
يجد الإنسانُ نفسه مقذوفًا في هذه الأرض، يصارع نفسه، ومحيطه، تدفعه الرغبة للبقاء إلى المزيد من الإستئثار والسعي خلف المصلحة التي يتلّمس منها بقاءه، ويتصوّر فيها نجاته واستمراره. تمزّقه نزعات تجذبه بعضها نحو ذلك المطلق الذي يراه متمثلاً بروحيته ومخيلته وعقله غير المكبل بقيود الواقع، وأخرى تسحبه نحو أبعاد ذلك المحدود المتمثل بفقاعة «الوجود» الدنيوي، في صراعاته ونزعاته ومخالفاته ، وكلمّا انغمس فيها أكثر، واندفع نحوها كلمّا تغرّبت حياته بصورة أكبر.
يعيش ضمن نطاق الأفكار التي تطرح نفسها كتأكيد لحريّة الإنسان، فيقاتل ويكتب ويتحرك محطمًا القيود في سبيل الدعوة لهذه الأفكار، يريد أن يفرضها بالقوّة لأنه يعلم أنّ الإنسان منطقه منطق القوة والمغالبة ولا يختلف كثيرًا عن سائر المخلوقات إلا بقدرته على جعل الجريمة تبدو مبررة وكأنها «غنيمة» لابد منها لحياة أفضل، وهو في الواقع لا يؤكد في فعله ودعوته المبطنة إلا الحاجة إلى استغلال الإنسان تحت عباءة إطلاق حريّاته وإثبات وجوديّته، للاستمرار في حالة الفوضى وحرب الجميع مع الجميع.
ومن دلالات الخوف الذي يسيطر عليه، يخلق أفعاله وتصرفاته وميوله. خوفه من الطبيعة القاسية التي تضيّق خناقها عليه، وخوفه من الإنسان بما يثيره من دمار وهلاك في طريقه للاستحواذ، وخوفه من شهواته التي تحرّك سلوكياته. لا يخاف من وجوداتها فقط إنما خوفه الأكبر ممّا يتوقع حدوثه منها فيظل محبوسًا في سجن التوتر والقلق، يرى كل شيء بعين الريبة، ويتصرف مع كل شيء من باب المصلحة، ويُقيّم كل شيء بناء على الحاجة.
يلتزم بمظاهر الأخلاق لأنه يحتاج للنّاس، فلا قدرة له على مجابهة الكون وحده، ولكنه في قرارة نفسه يحتقرها لأنها تكبله بآدابها التي توّلدها عن الاعتداء على غيره تحت ضوء النهار. يعشق الدين لأنه يعطيه هويّة أمام الناس، ويكره الإلتزام به لأنه يحجبه عن تقديم الـ أنا الخاصة بذاته على مشاركيه، وهكذا يعيش حربًا لا تقل هوادة عن حروب الإنسان مع بني جنسه في داخل نفسه التي لا يشغل باله في معرفتها رغم أنها سبب وجوده، حربٌ بين تلك النشأة «الملكوتية» التي تبحث عن الجمال والكمال وبين هذه النشأة «المُلكية» التي تريد السيطرة والمنفعة سعيًا خلف الهويّات الزائفة.
كان «علي» نقيضًا لهذه الصفات والطبائع، ضِدًا لهذه الرغبات والصنائع، كان «قد أحيا عقله وأمات نفسه حتى دق جليله ولطف غليظة وبرق له لامع كثير البرق فأبان له الطريق وسلك به السبيل وتدافعته الأبواب إلى باب السلامة ودار الإقامة وثبتت رجلاه بطمأنينة بدنه في قرار الأمن والراحة بما استعمل قلبه وأرضى ربه»*.
ومثله في هذه الأرض يزيد من خوف النّاس، يتحول لعدوٍّ لمَلَكاتهم الباطنيّة التي تتجسد في صورهم الظاهرية، يُعيد لهم التذكرة بأنّ كمال الإنسان في نفسه لا في استحواذه، وأنّ معنى الإنسانية كامن في وجودهم لا في وجودات غيرهم. خوفهم منه هو خوف من الإنجذاب نحوه فيسقط ما بذلوا لأجله كل ما يملكون من أيديهم، خوفٌ يتحول إلى قوّة دافعة تجعلهم لا يحاربونه شخصأ فقط بل تمتد حربهم لتاريخه لطمسه، ولوجوده لتقليله حتى لا يجدوا لهم عذرًا في استمرار ولعهم بالظلم والاعتداء والإنحياز نحو ما فيه تدعيم لاستغلاليتهم.
إنّ البشر في وجودهم الدنيوي إنما يقيّمون العظماء كما يقيّمون الشمس من شعاعها، وحدودهم غير قادرة على سبر ما هو أعمق من هذا الشعاع، وبدلاً من الاستفادة منه، يُحجب ويُصدّ حتى لا تنقشع ظلمة النفس، فتستمر الحرب التي تعطيهم المسوغ لعيشهم في حلقة التاريخ الذي يكرر نفسه.
ينجذبون بروحهم إليه لأنه يخاطبها، ويقاتلونه بأبدانهم، ووجوداتهم لأنه يعارض مساعيها، وفي ظِلِّ «جمع الأضداد» هذا، وقف وحيدًا يُنادي: «أين إخواني الذين ركبوا الطريق، ومضوا على الحق؟ أين عمار؟ وأين ابن التيهان؟ وأين ذو الشهادتين؟ وأين نظراؤهم من إخوانهم الذين تعاقدوا على المنية، وأُبْرِدَ برؤوسهم إلى الفجرة؟» فقد أعاد التاريخ نفسه، وانحاز الناس مجددًا إلى طمس نجوم الهداية تحت سُتَرِ الضلالة والغواية لأنهم على مائدة شبعها قصير وجوعها طويل.
إين چهان كوه است وفعل ما ندا
بــاز آيـد سـوى ما از كُـه صـدا**
كان، ولا يزال البشر يكتبون مصائرهم بأيديهم ويخطون مقاديرهم بأقلامهم، وكان ولا يزال التاريخ يعيد نفسه معهم، ضاحكًا مستهزءًا بهم لأنهم في اللحظة التي يدعون بها حبّ هذا «المثال» يزاحمونه بكره كل ما أرساه هذا «المثال». وفي اللحظة التي ينجذبون بها إليه، يغطون أعينهم عن النظر إليه، فلا عجب أنّنا ندنو أمام التاريخ، ويعلو هو عليه .. لأنّه «علي».
__________________________
* شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج11
** البيت لجلال الدين الرومي، وترجمته: العالم كالجبل وأفعالنا أصواتنا تجاهه، كما نطلقها يعود صداها لنا.

26 يوليو 2011

من خلق الله؟



ثمّة اشكالية تبرز حين الحديث عن «الخالق» أو «الرب» حيث يتم تأطير الحديث مباشرة بصفات وماهيّة هذا الخالق أو الرب، والحال أنّ قضية الصفات[1] قضية لاحقة على أصل المطلب، الذي هو اثبات "وجود" الخالق في حدّ ذاته بمعزلٍ عن أيّة مفاهيم (أو تصوّرات) أخرى مرتبطة به، ومن المغالطة محاولة هدم وجود الخالق – عمومًا - بنفي صفاته الكمالية كما يراها دينٌ ما أو نقدها[2]، وعلى الرغم من وضوح أن هذه القضية باتت قضية مسميّات أكثر منها قضية حقيقة ثابتة ومُشّخصة، فتغيّر الاسم لا يغيّر المعنى، وسواء تسمى بالرب أو الله أو الطبيعة أو غيرها باختلاف آلياتها وصفاتها وما يتم اسقاطه من المذاهب والإتجاهات الفكرية المتعددة بناءً على تنظيرها للمسألة عليها، فإنّ وجود قوّة قاهرة[3] أمرٌ لا يُختلف فيه، وهذا ما يُرجع إلى الذهن القول بأنّ ليس اثبات الخالق هي القضية بقدر ما هي بناء معرفة هذا الخالق على أسس سليمة، أو تأسيس الإيمان به على قواعد معرفية صحيحة[4].

إنّ طرق البراهين في الوصول إلى الخالق تنحصر في ثلاثة:
طريق الوجدان، أو ما يُعرف بالشهود، وهو طريق يعتمد على التجربة التي يخوضها الشخص، والإنطلاق من العلّة للمعلولات.
طريق الحس، أو ما يُعرف ببرهان النَّظم[5]، وهو الاستدلال والإنطلاق من المعلولات إلى العلّة.
طريق العقل، وهو طريق الفلسفة وبراهينها المتعددة: الإمكان/ الصدّيقين/ الحركة والتغيّر. 

السعي إلى اثبات الخالق من الطريق الأوّل لا يمكن اثباته وتعميمه لأنه يبتني على مسلّمات شخصية، وتجربة ذاتية يحتاج الشخص أن يعيشها ليعيها، ومن الصعب أن تنقل المعرفة المكتسبة منها إلى الآخرين أو أن تصيغها بصورة قوانين ونتائج ثابتة لا يختلف عليها العُقلاء.

أمّا الطريق الثاني فقد صار ملازمًا للجدال بين المُثبت والنافي، وهو في الغالب محلُّ البحث والإثبات في قضية الإلوهية، فهو يقوم على ركيزتين: الأولى الحِسُّ أي النظام الموجود في الكون من حولنا وسننه وقوانينه والثانية العقل الذي ينتزع هذه المفاهيم ويوظفها في البرهان ليصدر الأحكام على أساسها[6]، وهو الطريق الأقرب إلى الفهم البشري العام فلا يكتفي بمخاطبة عقولهم بل ويمتد لمخاطبة العاطفة و الوجدان كما أنّه قادر على استيعاب تطوّر العلوم الكمّي والكيفي الذي يحدث من حولنا في تدعيم براهينه ورؤيته[7]، وهو بالمحصلة يقود إلى إعطاء معرفة كلية بالله لا معرفة خاصة، أي الإيمان بوجود القوة العظيمة.

ويبقى الطريق الثالث متعسّرٌ على الأذهان البشرية العامّة، لأنه يتطلب عقولاً متمترسة بالمعارف الفلسفية وقادرة على التجريد التام وبناء المعارف استنادًا للمقدمات العقلية البحتة ومن ثمّ فهو مستغنٍ عن الحِسِّ ولا يعتمد إلا على العقل، ويتميّز هذا المسلك بأنه يعطي معرفة خاصة ودقيقة بالمعارف الإلهية المتعلقة بصفات الخالق سبحانه والمسائل المتعلّقة به، وينشئ معارفَ هي أقرب لليقينيات وبالتالي أصعب للنقض، وهو المسار الذي سلكه الشيخ الرئيس ابن سينا والملا صدر المتألهين[8] في براهينهم واستدلالاتهم.

ومن هذه المسالك الثلاثة جرى البناء على اثبات الخالق سبحانه، إلاّ أن تساؤلاً لا زال سابري هذه البراهين يطرحونه على أنفسهم:

كيف لك أن تفسّر الماء إلا بالماء؟!

فمن أصعب ما مرّ على العقول حتى وقفت على أعتابها عاجزة عن سبرها هي البديهيات[9] التي تقطع العقول بها وفي نفس الوقت تُقَطّعُها تبعًا لهواها. فطبيعة الإنسان الجدلية وميله الدائم نحو التساؤل إذا لم يبُنَ على قواعد معرفية صحيحة، ولم يُحكم بآلات العلم والبرهان، ولم تكن النفس مستعدّة للخضوع والإذعان فإنّ لا شيء في الوجود بما فيه «الإنسان» نفسه سيكون قابلاً للتصديق بوجوده، وهو بذاته لن يكون قادرًا على التفريق بين وجوده وعدمه للآخرين.

الإنسان كائنٌ واحد، جمعته أو حوته كلمة (إنسان) لكن إن أردنا شرحها وبيانها لم تعد الكلمة تكفينا فنلجأ إلى «تكثير الواحد» حتى نستطيع أن نوصل المعنى. ليس تكثّر الواحد إلا رؤيته بلحاظات متعددة، فتارة نصفه بالحيوان الناطق، وأخرى بالكائن المفكر، وثالثة بإتحاد النفس والبدن وصولاً إلى استعراض صفاته وطباعه حتى نُفّهم الآخرين ما هو (الإنسان) فقط.

وكلمّا كان هذا الواحدُ بسيطًا، وبديهيًا، كلما ازداد توضيحه وشرحه أو اثباته صعوبةً وتعقيدًا وعلى ذلك يُصبح هذا المفهوم البسيط في ذاته خاضعًا لسيطرة كلمات المنطق والفلسفة وخاضعًا لموازيين الاستدلال والاستقراء والبرهنة فيها، وهي كلها موضوعة حتى لا يكون للعقل حجة في إهماله لنتائجها، ولكون ألفاظها الوحيدة المناسبة لمناقشة هذه القضايا[10].

وعلى الرغم من ذلك فإنّ كثيرًا من الأذهان لا تقبل هذه النتائج، لا لعيبٍ فيها، إنّما لشبهة[11] تنشأ إمّا من نقصٍ طبيعي، أو مرض عارض، أو تربية فاسدة بحسب اصطلاح المناطقة. لذا فإنّ دور البرهان محصورٌ في الإثبات فقط أمّا القبول، والخضوع، والإذعان لهذا الإثبات فهي قضية تقع خارج دائرة العقل، وتنحصر بالنفس التي تريد أو لا تريد الإيمان بها، وكفى.

أخيرًا، ينبغي الإلتفات إلى أنّ للسؤال فنّه وقواعده، ومهما بدا مقبولاً فإنه قد يكون مبنيًا على مغالطة لا يلتفت لها صاحبه، والسؤال الخاطئ لا يمكن أن يُجاب عليه بإجابة صحيحة مباشرة بل لابدّ من توضيح المقدّمات اللازمة حتى يمكن الوصول إلى إجابة ترفع الإشكال، وفي نفس الوقت توّضح المغالطة في السؤال.

ومن هنا، فإنّ هذا البحث الذي تناول بإيجاز شديد، وباقتضابٍ أشد، أحد هذه الأسئلة وهو «من خلق الله؟» يأتي في سياق ذلك، وسار على منواله، وهو بحث حاول قدر الإمكان تبسيط المصطلحات المتداولة وتوضيحها في إجابة السؤال، ومضى على هذا المنهج وليست النصوص الدينية فيه إلا شواهدَ ومؤيّدات فقط لما اتفق الوصول إليه بالمنهج المنطقي الذي سار عليه الكاتب وفق الطريق  الحسّي [الثاني من المناهج المذكورة سابقًا].

وأمّا  التوسع في هذه الأبحاث والمناهج بعمق أكبر، فهو متروك لمحله، ولهمّة الباحث عنها والطالب لها.

والحمدلله ربّ العالمين.





ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] والحديث هنا عن الصفات من حيث الأديان، بمعنى أننا حين نتكلم عن اثبات الخالق أو الرب فإن الحديث يتجاوز إطار اثباته وفق الرؤية الإسلامية لله، أو المسيحية للأقنوم [الثالوث]، أو اليهودية ليهوه إلى وجود الرب بالمعنى العام.

[2] الاستدلال بنفي الخالق انطلاقًا من فهم المخلوق هو كمحاولة نفي الشمس انطلاقًا من حجب الغيم لها!

[3] الإرادة المتمثلة بالإندفاع الأعمى اللاعاقل نحو الحياة كما عند شوبنهاور، أوالطبيعة التي خلقت الناس ووضعت لهم القابليات ورسمت لهم خطة تطور الحرية عند كانط، وغيرها.

[4] مقدّمة كتاب التوحيد ج1، كمال الحيدري.
[5] وهناك برهان - رياضيّ - آخر هو (دليل حساب الاحتمالات) الذي اثبته الشهيد الصدر في كتابه: الأسس المنطقية للإستقراء. وقدّ لخّص أهم أفكاره في كتيب صغير صدر باسم (المرسل – الرسول – الرسالة).

[6] انظر اشكالات ديفيد هيوم، والإجابة عليها في: الإلهيات، ج1، جعفر السبحاني.

[7] دروس في التوحيد، ج2، مرتضى فرج.

[8] الشيخ محمد بن إبراهيم القوّامي الشيرازي، المعروف بـ الملا صدرا، صاحب مدرسة الحكمة المتعالية.

[9] وهي ما لا يحتاج اكتسابها إلى بحثٍ ونظر.

[10] لا يخفى أنّ لكل فنٍّ مصطلحاته وعباراته التي تغني عن الإطالة والاستغراق في التوضيح للفرعيّات على حساب المناقشة والإثبات للقضية الأساسية، كما أنّ لعالَمِ الطب مصطلحاته التي تعارف عليها أصحابه، ولعالم الأدب مثلها، والفنّ باختلافه، والرياضيات وسائر المجالات الأخرى مثلها وكذا فإنّ للمنطق والفلسفة المختصّان بإثبات ومناقشة القضايا العقلية والمعرفية ألفاظها ومصطلحاتها، ولا يمكن أن يتم تجاوزها حين تتم مناقشة قضية متعلقة بها مثل قضية العلة الأولى (الخالق) ومتعلّقاتها لذا فلا بدّ –أقلاً- من الإطلاع عليها ولو بنحو الإجمال حتى يكون الجواب مناسبًا للسؤال.

[11] الشبهة: هي أن يؤلف الذهن دليلاً فاسدًا يناقض به بديهة من البديهيات، ويغفل صاحبها عمّا فيه من المغالطة. المنطق للمظفر، ج1.