هذا الموضوع هو ( لمحة ) ، و اللمحة جزءٌ من النظرة ، و الجزء كنقطة ماء من صفحة المحيط الهادي .

يعتبر أفلاطون مؤسس المدرسة الإشراقية ، المدرسة التي خالفها تلميذه أرسطو حين أطلق مدرسة المشائين التي تعتمد البناء على البراهين العقلية البحتة في العلوم الطبيعية ، مدرسة أفلاطون كانت على جدال دائم مع أتباع المدرسة الأرسطية ، و لم يتوقف هذا الجدال خصوصًا بعد أن بدأت بوادر الفلسفة الإغريقية تدخل في جدالات الفلاسفة المسلمين إلا حين ظهر العلامة الملا صدر المتألهين القوامي الشيرازي رحمه الله صاحب الأسفار بمدرسته التي سماها " مدرسة الحكمة المتعالية " و وفق فيها بين مقالات أفلاطون و تلميذه أرسطو بأسلوب جديد و على مباني ابتدعها لم يسبقه بها أحد.
يقول الشهيد د. مرتضى مطهري : " و لقد توفق [ أي الملا صدر المتألهين ] كل التوفيق في الجمع بين الآراء الباقية من أفلاطون مؤسس مدرسة الإشراق و تلميذه الجليل أرسطو مبتكر منهج المشائين و كان الأوّل من المعلمين داعيًا إلى تهذيب النفس و تصفية الباطن ، قائلاً بأن الطريق الوحيد إلى اقتناص شوارد الحقائق واكتشاف دقائق الكون هو هذا المنهج ليس غير ، و كان الثاني منهما مخالفًا له في أساس منهجه ،قائلاً بأنّ الدليل للوصول إلى الحقائق المكنونة ، و الدقائق المجهولة ، هو التفكير و الاستدلال و البرهنة الصحيحة ، فكان يخطو على ضوء البرهان العقلي من مقدمة لأخرى ، إلى أن يصل إلى الحقيقة التي يتوخاها بسيره النظري "
مع هذا كتب الشهيد مطهري لاحقًا عن مدرسة الحكمة المتعالية للملا صدر المتألهين الشيرازي : من بين العشرات الذين يقضون أعمارهم كلها في فهم مطالب الحكمة المتعالية، لايستطيع فهمها سوى عدد محدود يُعد على عدد أصابع اليد الواحدة.
لماذا ؟
لأنها مدرسة تعتمد على الإثبات العقلي البرهاني ثم تدعيمه بالإثبات الكشفي ( أي المكاشفة / الاشراق ) .
- فلسفة أفلاطون
ترجع فلسفة أفلاطون إلى أستاذه سقراط ، و قبله إلى هيرميس المصري مرورًا بفيثاغورث الرياضي و الفيلسوف الاغريقي المعروف ، و ترتكز فلسفة أفلاطون على شيئين تماما كفلسفة كونفوشيوس الصيني و هما : حب الفضيلة و الفضائل و بغض الرذيلة و الرذائل .
كانت طريقة إجابتهم للأسئلة التي تؤرقهم هي تخلية أنفسهم من الرذائل ، كل الرذائل التي تلازم الإنسان يتخلصون منها و يتمسكون بالفضائل حتى يصبح ظاهرهم كباطنهم لا يقومان إلا على التحلي بكل فضيلة و التخلي عن كل رذيلة ، فتكون أنفسهم صافية كالمرآة تنجلي للحقائق فتعكسها كما هي مما يحدث لهم حالات الكشف أو الإلهام التي تجيب مسائلهم .
فهي فلسفة أخلاقية بحتة تعتمد على الروحانية في إجابة الأسئلة ، على العكس من فلسفة أرسطو القائمة على البراهين و الإستدلالات العقلية ، و رغم أنّ هذه الفلسفة [ أي فلسفة المشائين لأرسطو ] نقلت طريقة التفكير الإنسانية من مجال الخرافات إلى مجال البراهين ، أي صعدت بالفكر و ارتقت فيه من تفسير كل شيء عن طريق الخزعبلات و الأساطير إلى تفسيره وفق الحقائق و الطرق العلمية إلا أنها ظلت بدائية و لم تستطع القضاء على فلسفة أفلاطون الإشراقية التي شقت طريقها و أثبتت وجودها.
- السهروردي يحيي أفلاطون .
شهاب الدين السهروردي ، الذي اشتهر بلقب الشيخ المقتول حتى عند الغربيين بعد أن قتله حكام الدولة الأيوبية في مصر و هو لم يتعد الأربعين من عمره .
ثم ينقل قول البعض عنه : إن السهروردي من أكثر فلاسفة المسلمين الذين صرفوا أوقاتهم في تفسير كلمات أفلاطون. فالفضل الأول في إعادة احياء طريقة الاشراقيين بلباس إسلامي في المشرق العربي ترجع للسهروردي الذي خالف الفارابي و باقي الفلاسفة في اعتماده على " تنقية الذات " كطريق للوصول إلى الحقائق .
- ما هو الإشراق ؟
متى تشرق الشمس ؟
و يتحدث عن واحد من شروط الإشراق و هو إذا أراد الإنسان أن يأخذ إلهاماً أو كشفاً جديداً لا بد له أن يترك جميع المسبقات الفكرية حتى يحصل له شيء جديد ، فهو إذا تعصب لرأي معين مسبق قبل الكشف فهذا التعصب يؤثر عليه فلا يجعله يرى الحقيقة صافية .
- خاتمـة
كم مرة كنت جالسًا غارقا بفكرك في مسألة ما ، و فجأة يتفتق ذهنك عن حل مسألة لا تتعلق بما كنت تفكر فيه ؟
كم مرة تلتف فجأة لشيء بسيط جدًا لتتساءل عن حقيقة ( عظمة ) هذه البساطة التي كانت محجوبة عن ناظريك ؟
و كم مرة تتخذ خطوة جبارة بسبب لمعة صغيرة برقت في ذهنك ؟
و كم مرة ، و كم مرة .. إلخ . قد لا تكون كل الكلمات أعلاه مفيدة ، بل قد تكون مجرد حروف سخيفة ، و لكن هذه التساؤلات ستوصل لك المعنى بتمامه إن عجزت عن ذلك كل الكلمات السابقة ، لأنني لا أظن أنّ هناك إنسانًا في هذه الأرض لم يشعر في لحظة من اللحظات بصفاء ذهني و نفسي تـام تكون نتيجته أن يرى الواقع على حقيقته { فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد } ، هي لحظة لا تقدر بثمن و المغبون من لا يعمل على بقائها .
رغم أني أميل شخصيا أكثر إلى رأي النجفيين بعدم وضع اعتبارية لهذه الأشياء ، إلا أنني لا أنفيها و لا أزيحها عن مكانتها فهي ثابتة محسوسة و ملموسة ، و لكن مشكلتنا أننا وقعنا إما في افراط ( التأكيد ) أو تفريط ( النفي ).
- مصادر :
1/ أسس الفلسفة - الشهيد د. مرتضى مطهري
2/ منطق ابن خلدون - د. علي الوردي
3/ مبادئ الحكمة - السيد محمد تقي المدرسي
4/ أصول الفلسفة - العلامة محمد حسين الطباطبائي
5/ الأربعون حديثًا - السيد روح الله الموسوي الخميني
6/ مقالات : الشيخ الأحسائي ونظرية المعرفة - الشيخ سعيد القريشي
7/ wikipedia
و غيرها .