21 ديسمبر 2010

الآراء الموءُودة


في الكويت، جلست معه وكصاحب تجربة غنية وقلم سيّال وفكر غني، احتدم الحوار، فاضطررت في إحدى الأحايين إلى أن أسرد له موقفًا سمعته عن "شخص ما" حتى أدلل على موقفي، ليفاجأني بكلمة جمدت الدم في وجهي: هذا الشخص چـذاب![كذاب]، إذًا لماذا لا تنشر ذلك للعلن؟ لا جواب.

بعدها بأسابيع قليلة، وفي بغداد التي تنتشي من عبق الحزن وهو يشتمل زواياها، وتتناغم أصوات المولدات مصدرة آهات دائمة تحاكي مصاب هذه المدينة المكلومة، جلست مع أحد الأصدقاء، أم أقول المعلمين، هذا الشخص صاحب تجارب وخبرات أخالها لو قسمت على الناس لفاضت، ولو قُطعت ووزعت على الكائنات لزادت، ورغم ميله الشديد للحديث إلا أنه لا يفلت من زمام فمه إلا أقل القليل، فالكلمات عنده فيما عدا المسامرة، محسوبة وموزونة وقاطعة، لا أذكر تحديدًا ما الذي أتى على ذكر تلك الشخصية مجددًا، ولكنه فاجاني بأن وصمها بـ"الكذب"، شبه اتفاق على تلك الشخصية، ويتجمد الدم مجددًا في وجهي!

يبدو أنه لاحظ ذلك، فبدأ بسرد بعض الحوادث المدللة على ذلك، ويؤكد لي أنه لولا المعرفة التي تربطني به لما تحدث بهذا أبدًا!

ما أعاد لذاكرتي هذين الموقفين، نقاش جرى بيني وبين أحد زملاء العمل الذي كان يصر على تدعيم آرائه بأقوال تلك الشخصية، واعتبارها حدًا لا يمكن تجاوزه نظرًا لما تتمع به هذه الشخصية من مكانة اجتماعية، وسياسية، وقداسة دينية أضفتها السلطة عليه، وتقبلها المجتمع بقبول حسن.

في الوقت الذي لم يعد بقدرتي أن أرد تلك الأقوال رغم تهافتها، ليس باستطاعتي أن أبدي طعنًا بما فيها، أو بصاحبها، وحتى ولو كان متوجهًا ناحية فكره ومنهجه السياسي أو أطروحته الدينية بعيدًا عن شخصه.

أرجو تعميم الصورة أكثر، لأبين اشكالية كثيرًا ما اجد نفسي فيها، حين ينعقد لساني عن التحدث في موضوع ما، لكون قائله يتمتع بمثل تلك الهالة، فمجابهتها يعني حتمًا الإنتحار، والسكوت عنها قد يُفسر على أنه عجز عن الإجابة، وكلا الموقفين مصيبته أشدّ من الآخر.

لا يمكن مجابهة المجتمع، لأن سيله يجرف كل ما يقف بوجهه، ومن الطبيعي جدًا، وفي مجتمعات قابلة للشحن، أن تُصنّف في أسوء الخانات لمجرد معارضتك للتيّار العام، وكونك مطلعًا على ما لم يطلع عليه الآخرون، لا يغفر لك مثل هذا الموقف، فتضطر لأن تداهن أو تصمت أو تحتال وتستعين بكل ما اخترعه اللغويون وابتكروه من أساليب التورية والتضمين!

ومن ناحية أخرى، سكوتك قد يفسّر على أنه انعدام للجواب، أو عجز، أو استسلام، والأسوء من ذلك أنه قد يعطي انطباعًا بكون موقفك مبنيًا على شخصانية تفتقد لأي ضرب من ضروب المنطق.

ونظرًا للسرعة التي باتت سمة للعقود الأخيرة، أصبح البحث عن رأي أوموقف أولى من تكوينه، كما استغني عن الطعام بالوجبات السريعة الجاهزة، بدأت الاستعانة بالمواقف الجاهزة والآراء المعلبة حتى تتماشى مع تسارع الأحداث الجارية التي تغذيها وسائل الإعلام وتعيد تصفيفها وتبثها بسرعة شديدة، فالوقت لا يسمح بالبحث والتحليل لكل هذه القضايا على حدة.

والبحث عن رأي ليتم اقتباسه، يحتاج لشخصية قابلة لأن تعطيه وعلى هذا الأساس أصبحت سمات الرمزية تسبغ بالعشرات يوميًا، فكل صاحب رأي يلقى هوى في النفوس، يكون عضوًا فاعلاً في دائرة الرموز التي لا تكتمل إلا بأن تُلحق بمسميات لا يُختلف عليها. ففلان رمز الحرية، والآخر رمز العدالة وعلى هذا الدرب سِر.

وتتعاظم هذه الصفات إذا ما امتلكت «منزلة» تتيح لها تصدّر الآراء نتيجة لخلفية اجتماعية أو سياسية أو ما شابه ذلك، سيّما إن خدمتها الظروف الراهنة بأن جعلتها تقف في جانب المطالبة بما تريده الأغلبية، أو تتوهم أنها تريده، وهذا موضوع منفصل.

الإنسان كائن رمزي يميل إلى ترميز كل شيء بما فيها الشخوص والآراء ليستمدّ منها ما يدعم وقوفه في طرف مقابل الآخر، ليس من السهل (إن لم يكن من شبه المستحيل) كسر الأصنام الذهنية التي يخلقها البشر، ويحولونها إلى رموز.

أعود لزميلي في العمل، لأعيد تشكيل الموقف الذي دسني بين نارين، أن أقول له ما أعرفه عن هذا الشخص أم أصمت، هل أحاول هدم الصورة النقية المصطنعة لهذه الشخصية؟ في الوقت الذي تتمتع به بقبول واسع على أنها شخصية نزيهة ورائعة، هذا يعني أنني أعارض الأغلبية وأضع نفسي أنا النكرة- في قبال ذلك العلم، بما يعنيه ذلك من سلّة التهم الجاهزة، وأن أسكت فهذا يعني قبولي لمصادرة اختلافي بكل بساطة، في حالة تشبه ما كان يجري في القرون الوسطى بأوروبا بحيث يكفي أن يقول أحدهم (قال أرسطو كذا) ليُقطع كل نقاش، ويرسل قوله إرسال المسلمات مهما كان.

أحيانًا تكون المعرفة نقمة، واليوم بعد أن مررت ولا أزال بمثل هذه الحالة، بدأت أشعر بمعاناتهما وهما يسمعان ويريان الخديعة تتحول إلى حقيقة، وهما مجبران على الصمت. فلا يمكن للإنسان أن يضع نفسه تحت رحمة الجموع التي لا تقبل بما يُعارضها، طالما أنّه يمس «القداسة المتوهمة» لصنّاع الرأي.

ربما هذا الذي يدفع العديد ممن قابلت، وأنا أعلم علم اليقين بما يملكون من معرفة، للاكتفاء بابتسامة أو ألفاظ مبهمة بدلاً من التحدث بما يجر عليهم النقمة. وربما هذا ما دفعني إلى الابتسام ومجاراته بحديثه حتى لا أفتح أبوابًا مغلقة تزيد ضيق العمل ضيقًا!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أرى من المناسب في هذا المقام،

مراجعة هذين الموضوعين:




هناك 20 تعليقًا:

غير معرف يقول...

في هذا الزمن اصبح كل شي ديكور من اللحيه الى الشهاده

انا بالنسبه لي بدأت اعيش مع الكتب والمقالات وبدأت ابتعد عن الناس تدريجيا لان من يقرأ ويتعلم في هذا الزمن يسبح عكس التيار

عندما ارى مهرجان البنك الوطني للمشي اتذكر قصة الفيلسوف اليوناني الذي خرج على قومه "مفصخ" اعتراضا على اهل زمانه وعندما استغرب من استغرب وانصعق من انصعق سألوه " استاذنا ليش طالع جذي جدام الأوادم؟" فقال " وين الاوادم ؟ ما شوف اوادم "

غير معرف يقول...

تحدث حتي اراك

اذا انت المثقف صاحب العلم المدون اللي وسيلتك الكتابه ومعينك الكتاب تتردد بالحديث وابداء الراي المسلح بالوقائع فلا تلوم العامه لانك خفت من الوقوف ضد التيار
اذا انت سكت وغيرك سكت فاهلا بك مع القطيع
ومن يكتم الشهاده فهو اثم قلبه

فريج سعود يقول...

حاس فيك لاني في هذه الايام في موقف مشابه لموقفك وهو الوقوف لوجه التيار

اما سكوتك عما تعلم فاحسدك عليه لاني لا اجيده ابدا ومن لا يجيد السكوت فحتما سيورده كلامه المهالك يوما ما

تحياتي

سلمان السعدون يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


تحياتي لك عزيزي

فنحن نمر بهذا الموقف يوميا وسكوتنا لا يعني ما ذكرت

بل هو عين الصواب حيث أن موقعك لا يخول لك التحدث بكل ما لديك من معلومات

فليس كل ما يعرف يقال

تارة نحن لسنا أهلا كي نتكلم وتارة تنقصنا معلومات وجزيئيات تحتاج أدلة وقرائن حتى نستطيع إثبات ما لدينا ولا يمكننا أن نتكلم عن من أوصل لنا تجربته الشخصية مع تلك الشخصية الكاذبة

حيث أنك تحتاج شخص ذو اطلاع واسع بحيث يلقم كل حجة بما يناسبها من أدله وشواهد وسرد تأريخي عن تلك الشخصية

وقد واجهنا العديد منهم

وسكوتنا عن هذه المسائل ما هو إلا مراعاة للوضع العام المسيطر والمعروف عن تلك الشخصية

نقل لي أنهم وجدوا أحد المراجع العظام جالس على النهر يمزق رسائل ويرميها في النهار فسألوه ماذا تصنع

أجاب بأني أمزق رسائل كل من شتمني فسئلوه لماذا لا تفضحهم

فأجاب قال : إن الناس يرون أصحاب الرسائل محسنين فلا أريد أن أشوه تلك الصورة عند الناس فأقوم بتمزيقها ورميها في النهر

نقلت مع التصرف

فهكذا تارة لا تريد أن تشوه تلك الرسمة الجميلة لتلك الشخصيةالكذابة لدى من يرونه وجيها وشريفا

فكن في الفتنة كابن اللبون لا ضرع فيحلب ولا ظهر فيركب كما قال الامير عليه السلام

تقبل تحياتي

الزين يقول...

استمتاعي بما قرأت اليوم هنا فوق ما تتصور

واستمتاعي بقراءة التعليقات كان له وقع اخر

كثير ما نتواري خلف ستائر الصمت لسبب أو لآخر ودائما يكون السبب تفادي الأذيه

تراقب .. وتتعلم .. وتسكت
هذي سمة زمانا
صعب الموضوع ايه صعب

بس صرنا نمارس الصمت هذا كل يوم
تعودناه .. وياخوفي يصير منهج حياة ونبطل نقول اللي بالنا ونبطل نشهد بالحق

صباحك حكمه يالشيخ

ترانيم العشق يقول...

ربما الصمت لا يكون الخيار الوحيد في مثل هذه المواقف لكن أعتقد أن طريقة الإجابة تختلف باختلاف الطرف الآخر كما تختلف باختلاف الموضوع
فلو كان الموضوع شخصي وتتحكم فيه الأذواق فأجد أن الشخص مخير بين الصمت أو الصراحة ولو صرّح برأيه ووجد التعصب وتحول الأمر من إبداء آراء إلى جدال عقيم فالصمت أسلم من الوصول للخصام
ولو كان الموضوع عام فالأمر يختلف باختلاف الطرف الآخر فلو كان متعصباً لا بحث عن حق وإنما يسعى لفرض مبدأه على الجميع ومعارضة سواه فالصمت عنه خير من بذل الجهد والوقت في غير محله
أما لو كان باحثا عن حق فأيضاً لا أستطيع أن أواجهه بخطأ اعتقاده وأقولها في وجهه بصراحة جافة قد تجعله ينزعج ويتعصب لرأيه
لكن قد أطرح رأيي مع إيضاح أني لا أخالفه شخصيا أو لا أخالف من يقدس شخصيا ولكن اختلف معه في بعض الأمور أو ألجأ إلى إثارة شكوكه بطرح ما أعرف على أنه شيء سمعته أو أذكر أنصاف الحقائق لتشويقة للبحث والاستقصاء وأستعين بأدلة تدعم موقفي أو أرشده لمن هو أعلم مني إن كنت لا أملكها و الأهم أن أتقبل الأمر لو كنت أنا المخطأ
لسنا وحدنا من نعرف الحقيقة البعض يعرفها لكنه لا يبادر لعدة أسباب فأحيانا مجرد إطلاق الشرارة يكون كافي ولنا في الحسين الذي نعيش أيامه الآن عبرة فأكثر بني عصره يعرفون يزيد لكنهم بايعوه وقلة من رفضوا المبايعة ووقفوا مع الحسين وقتلوا بهالة حكم يزيد وجبروته وطغيانه ودونيته ودنيويته لكن الحسين هو من انتصر
بالنسبة للآراء المعلبة فربما هذا من طبيعة البشر إلا ماشاء الله فترى أن خلاف بين شخصين قد يولد عداء بين جماعتين يستمر لسنين ولو سألتهم عن السبب يحتارون ولا يجدون سوى أنه عداء قديم وكأنه وجب توارثه
ربما بمحاولة إحياء الرموز الحقيقة في أذهان الناس والبحث عن الحقيقة في حياتهم يتبنى الناس آراء إيجابية مثلا شخصية النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله شخصية مشتركة عند جميع المسلمين بالطبع لكنها ظلمت كثيرا بنسبة ما لا يجوز ولا يصح نسبته لها فلو حاولنا تنقية هذه الصورة بما هي عليه أصلا وإبرازها للناس وتذكيرهم بها فصحيح أننا مسلمين ولكن ماذا نعرف عن نبينا عن حياته ومواقفه أليس رمزا عظيما يستحق الانتساب إليه
لكن بدون اقتباسات ناقصة أو مأولة ومحرفه كما يفعل البعض للأسف

موفق..

الحــــر يقول...

هذا الامر طبيعي ان يحصل للانسان الذي يفكر ولا يريد ان يعيش على الموروثات الاجتماعيه التي بها الكثير الكثير من الاخطاء والميل للهوى والتعصب للفكره اما عن نفسي فقد كنت في السابق ابحر عكس التيار كما قلت واصيح اني اسير بعكس ما يسيره الاخرون اما الان فأنا التزم الصمت دائما واتحشى الدخول في مثل هذه النقاشات خصوصا اذا احسست ان النقاش من بدايته لن يثمر بالجديد

Devo يقول...

اكتب سواء كان مع او ضد هذا التيار فالفكرة تبدأ بالتسخيف ومن ثم تاخذ حيز من تفكير المجتمع وتتدرج حتى تصل للعقول .

افض المفكرين لم تحيا افكارهم الا بعد موتهم !

تحيتي وتقبل مروري

أحمد محمدي يقول...

علي الطلاق
لو علم بعض الذين علقوا وحللوا ونصحوا من المقصود بذاك الكذاب لجزروك بألسنتهم !
على كل حال فانا بامكاني انهاء صراعك , بان تدلني على زميلك وسأقول له انا بأن فلان الفلان كذاب و و و
في المقابل تعال وقل للذين في بالي بأنهم ولاد زنى ونواصب
وشكرا

Yang يقول...

العزيز سفيد

جميل بأن تجد من بإمكاننا مشاركته آرائنا وأفكارنا وتستفسر منهم لاسئلة عديدة تدور في اذهاننا، ولكن لا يوجد.

واقولها مرة أخرى:
لايوجد

لازالت لدينا تلك العصبية سواء كانت عرقية أو طائفية، فإن لم تكن معي فأنت ضدي، حتى لمن يدعون الديموقراطية.

إن خالفت رايهم فقدتهم. وأصبحت منبوذ.

للأسف أغلب الناس وأنا من بينهم ندعي الديموقراطية والحرية ولا نعرف كيفية تطبيقها ؟؟

الموضوع هذا يبيله اسبوع اكتب فيه :)
بس كافي اللي قلته لا اخوره :)


تحياتي

غير معرف يقول...

السلام عليكم

quote:
"ليس من السهل (إن لم يكن من شبه المستحيل) كسر الأصنام الذهنية التي يخلقها البشر، ويحولونها إلى رموز."


مو بس من البشر بل أغلب أفكارهم وحتى فهمهم لأفكار الغير أصبحت أصنام ذهنية ورموز مقدسة للأسف
:(

أحسنت يا سفيد المفيد
الله يزيد في علمك ويفقه قولك ويقوي قلبك أمام هذه الجموع حتى وان اختلفت معك في بعض الآراء :)

أقرأ لك ويتجمد الدم في وجهي وأتخيل آخرين يقرأون لك ويتجمد الدم في وجوههم ومن الممكن أن يحدث ذلك لأن بعضهم في الخانة المعاكسة لخانة تفكيرك .... يا للسخرية !!

أقرأ وأتذكر مواقف عديدة حاولت فيها الكلام وابداء الرأي " بأدلة لا تقبل النقاش" ولكن وصفت بالكافرة والجاحدة والجاهلة وغيرها!!

أقرأ وأتذكر مواقف أخرى قررت فيها أن أصمت فوصفت باللا مبالية والجامدة والسلبية!!

قرأت, واستمتعت, وابتسمت,وأيدت ...
وعند انتهائي من القراءة وجدت أنني ولأول مرة لم أخرج بجواب أو حل من مقالاتك ....

الصمت أفضل ..... فليس لدى الكثير قابلية للنقاش بحيادية أو التجرد من العواطف ولكنهم للأسف لا يريدون أن يسمعوا...

ياما سمعنا وناقشنا وبعد التفكير نجد أن من الممكن أن تكون وجهة نظر من أمامنا صحيحة وبعد البحث من الممكن أن نقتنع بها !!!

هناك من أقوالهم من ذهب وأفعالهم من طين .. ولا يرى هذا التناقض من أغلق اذنيه وعميت عيناه عن رؤية وسماع الحقائق لمجرد تقديسه لهؤلاء الناس أو لأفكارهم...


قواك الله
وربي يقضي جميع حوائجك
والسلام

مدام YIN

Safeed يقول...

غير معرف،،

قال دعبل الخزاعي رحمه الله يوما:
ما أكثر الناس بل ما أقلهم
والله يعلم أني لم أقل فندا
إني لأفتح عيني حين أفتحها
على كثيرٍ ولكن لا أرى أحدا
هذا الرجل قضى خمسين عاما يحمل خشبته على ظهره وهو يتكلم
والناس يصمونه ببذاءة اللسان لأنه يتكلم بما يعرف ويقول! وبما يخالف اعتقاد ورؤية العوام حوله
أرى في المسألة نمطية إنسانية بحتة، وهكذا هم البشر على مدى وجودهم أقلية تصمت في مقابل صياح
الأكثرية، وتلك الأكثرية دائما تغمض أعينها عن المصير الأسود الذي تقود الناس إليه.
القراءة، تزودك بقاعدة للتفكير، و(التفكير) يؤدي إلى الاعتبار ولان الحلقة (اللي بالنص) ساقطة
عند معظم الناس، يُقال: ما أكثر العبر وأقل الإعتبار!
فالانعزال في مثل هذا الوقت أفضل، والصمت فيه حكمة.
شكرا

=====
غير معرف،،

"ماذا تفيد هذه الدنيا الواسعة، إذا كان حذاؤك الذي ترتديه ضيقا؟"
مهما تتبحر بالكلمات، وتمتطي صهوة القلم، وتملك ناصية الحديث
فإن مصارحة العامة صعب. أنت تعيش في مجتمع، ومضطر لأن تتعامل معه
بلاشك أن يكون لك موقف شيء مطلوب ولا يتم التنازل عنه، ولكن تبرير هذا الموقف
يؤدي إلى سقوطك في دوامة التبرير والتحليل على حساب الموقف ذاته.
تخيل لو قلت لزميلي بأن الشخص الذي ذكرته كذاب؟
ماذا سيحدث؟ سأنشغل لساعات وساعات بجمع البراهين وعرض الادلة
لاثبات كذبه واسقاطه على حساب بيان (سقوط الفكرة) التي اراد صاحبي ان يستشهد بها.
هكذا نحن احيانا، نكتفي بالصمت او الانعزال ونحتفظ بالموقف معروضا حتى لا
ندفنه تحت اكوام الجدالات الجانبية.
الصمت لا يعني الإمعية، صديقي العزيز.
شكرا

=====
فريج سعود،،

أنا وأنت قد نكون على النقيض.
ولكن المحيط الذي يحيط بكل منّا يجبرنا على اللجوء
لمثل هذا الموقف. في النهاية نحن لا نخلق الظروف إنما
نحاول التكيف معها.
"الحكمة عشرة أجزاء، تسعة منها في الصمت.." كما ورد
عن أمير المؤمنين عليه السلام.
وأفضل صمت هو حين ترى النهاية قبل البداية،
فما الضير من عدم التحدث إن كانوا المنغشين
بأصواتهم سيرون ما نراه طال الزمان أم قصر.
الله يحفظكم.
شكرا

=====
خادم العترة،،

وعليكم السلام ورحمة الله،
شكرا لك لأنك ذكرت نقطة فاتتني ولم أشر لها.
من أسوء الأمور أن تنشغل باثبات كذب فلان،
عن اثبات سوء تقديره لقضية ما، أو مسألة.
عند من يعتبره رمزا لا يقبل الجدال في اقواله.
قضية تجر الاخرى، فمن الاسلم الصمت على الانشغال
بنقاش قضايا قد لا يعرف هذا الزميل معظم شخوصها وآثارهم.
شكرا

Safeed يقول...

الزين،،

أحد الذين أعرفهم، وهو يعتبر
ممن خاض السياسة (السرية) خوضا،
وغرق في بحر (الاحزاب والحركية) غرقا،
حتى نجا مسلما.. دائما يقول لي هذا زمن الصمت.
في يوم من الأياممعه، طُرحت قضية فدخلت فيها
مناقشا وفجأة سمعت صوت (طُب) وإلتفت لأراه يضرب بكفه على فمه
قائلا بعدها: اشششششش .. دير بالك لا تتكلم معاهم بهالمواضيع.
وصمت واجبرني على الصمت في وقت أنا وهو نستمع لزخرفات ما
أنزل الله بها من سلطان!
أنا أعلم وهو يعلم بذلك، لكنه برر فعله بأن هذا الزمن هو زمن الصمت حتى(لاتكون ضرعا فتُحلب أو ظهرا فتُركب) يوما بعد يوما
تتجلى حكمة الباري في حبسه اللسان خلف قضبان شديدة.
شكرا

=====
ترانيم العشق،،
الصمت لا يعني الجلوس والمهادنة.
الصمت يعني المناورة، يعني الاكتفاء بالموقف وبالرأي
عن تبريرهما. كما نذهب للطبيب ويصف لنا دواءً نأخذه بصمت
ولا نناقشه في قضية (لماذا هذا الدواء؟). هكذا الصمت يجب أن يكون من قبلنا
تعبير عن موقف واهمال للمناقشة في سبب هذا الموقف إن كان غالبية من يناقشون به لا يفقهونه.
أجمعين إن شاء الله،شكرا

=====
علي الموسوي،،
لا خلاف فيما تقول، ولكن هل
نحن على استعداد لأن نصرف حياتنا أو أوقاتنا
في مصادمة التيار، بدلا من مداراته واحتوائه؟
نحاول الكتابة قدر ما نستطيع، لكن الوضوح المباشر قد يكون
أكثر سلبية لانه يحول الكتابة إلى سلاح يعتبره البعض مخصصا للطعن فيهم،
ولا يفقهون أنها للتعبير عن رؤية مخالفة لهم.
أظن بان الزمن كفيل بايضاح الكثير مما يصم
هؤلاء آذانهم عنه.
شكرا

Safeed يقول...

أحمد محمدي،،
صديقي العزيز، دع لي أصنامي،
وخذ عندك "اللي في بالك" .. فالصمت
في كلامي الموقفين واحد .. لا يتجزأ.
ومتى ما قلت لهم اللي في بالك،
ذكرني اقول للي عندي الكلام اللي في بالي.
أما لشطر كلامك الأول، فأنا أقسم وأحلف
ولا أشك بأني لو افصحت عن اسمه،
لما قبلوا حتى دفني في "المقبرة" :)
شكرا

=====
Yang،،
هذه طبيعة بشرية أن يرى المرء نفسه دائما على صواب،
الإنسان طول عمره يكره الحقيقة و بالتالي الصراحة ، لأن الحقيقة دائما مؤلمة و لا تلبي طموح هذا الإنسان .

(واكثرهم للحق كارهون ) المؤمنون .
( ولكن اكثركم للحق كارهون ) الزخرف .

فالإنسان المملوء بالنواقص لا يحب أن يستمع لمن يشير إليها ، لذلك يفضل المدح على الذم و إن كان كذبا لأنه يمثله بصورة الكمال ، بعيدا عن نواقصه و سوء طباعه .

لذلك كان خطاب القرآن مثل الآيات اللي ذكرتها دائما مباشر في الإشارة لموارد النقص ، حتى يستوعب البشر أن الكمال ليس خصلة فيهم ، و أن بمناقصهم يكتسبون القدرة على الحياة في هذه الأرض، وأن كذبهم على الناس لا يغير الحقيقة .

( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض ولكن الله ذو فضل على العالمين )البقرة.
:)
شكرا

====
مدام Yin،،
وعليكم السلام ورحمة الله،
نحن نقدم الحلول لما هو بأيدينا،
كما أن العلم يكتشف ما هو دونه، لا ما فوقه،
كذلك في أحيان كثيرة لا نملك الحلول مع ما ليس بأيدينا التحكم به.
لذا، مؤخرا بدأت أستعين بالصمت رغم أن هذه الصفة تناقض طبيعتي :)
والأجر على قدر المشقة.
آمين إن شاء الله، جميعا.
شكرا

Salah يقول...

قد يكون مستحيل مجابهة المجتمع من خلال تكسير أصنامهم الذهنية بعينها أو انتحار ان لم يكن مستحيل، ولكن يمكننا العمل على اثبات عكس ما تدعيه هذه الأصنام، وفي هذه الحالة قد تساعد على هز صورة هذه الأصنام في الأذهان.

تحياتي

|:| DUBAI |:| يقول...

ان شاء الله الكويت ترد مثل أول !

كل عام و أنت بخير
و سنة حلوة عليك و على الكويت

Safeed يقول...

Salah،،

ولذلك نحن نستعين بكل ما نملك، وبكل ما أنتجته اللغة من وسائل التضمين والتورية والتمثيل حتى نحدث هذه الهزة البسيطة.
لكن المصيبة، هي أن القوم مع هذا الحذر كله، لا يهتزون، بل يكابرون بنصف الحقيقة التي يرون، ويقدمون أفهامهم ويسارعون إلى وضعك في موضع الاجبار على تنزيه طرف كامل التنزيه واختياره!
لابد عندهم من "ترميز" لانهم لا يريدون التفقه.
عن الإمام الكاظم عليه السلام: يا هشام، إنّ العاقل رضي بالدّون من الدنيا مع الحكمة ، ولم يرض بالدّون من الحكمة مع الدنيا..

شكرا

=====

|:|DUBAI|:|،،
آمين

وأنتم بخير وعافية إن شاء الله.
شكرا.

مِقياس يقول...

للأسف هذا حال ( معظم) من يملك رأيا مغايرا في مجتمع اللانقاش... رغم طرح هذه المواضيع في كل مكان والتشديد على " حرية الرأي " والديموقراطية الفِكرية في كل المحافل السياسية كانت أم الاجتماعية ...إلا أنك هنا ولكي تحافظ على قبولك بين الجماعات سواءا جماعة الأصدقاء, العائلة أو أي جماعة ترتادها يجب أن تكون على وِفاق دائم معهم ومع آرائهم ", و تبقى حرية القول حُلم لا تحققه إلا الكتابة :)
أسعى دائما للتخلص من عبودية الجماعات .. ولكن يبقى هنالك جزء مني يأبى إلا أن يتشبث بأطرافهم المهترئة.

MoonFaCe يقول...

نعم الصمت هو أفضل الحلول . و لكن ما رأيك فيمكن يعتقدون بقداسة هذه الشخصية و هم من أفضل و أتقى الناس؟ هل هو العزوف عن سماع التفاصيل لأنها "شياطين" كما رأيت في مقالتك السابقة؟ و ماذا إن كان هؤلاء الناس من أقرب المقربين؟ هل تكتفي بالصمت أم تحاول إقناعهم بالحقيقة؟ هل هناك موقف أم زمن معين يتعين فيه الكلام على السكوت؟؟

Safeed يقول...

مِقياس،،

ربما لأننا لا نشعر بالقلم، أو بالكتابة دون هذه الجماعات.
ما فائدة الكلمة إذا حبست في الصدر؟
وما فائدة الكتاب إذا بقي على الرف؟
كمثل البذرة بحاجة للتربة والماء لتنمو، كذلك الكلمة والموقف بحاجة لمجتمع -حتى وإن كان معارضا- لتظهر.

وتحت أطنان الشعارات، لا تستغرب إن دفنت كل القيم والمبادئ، حتى التي تتغنى بها تلك الشعارات البراقة.

شكرا

=====

CoConUt،،

يقول الشاعر الألماني بريخت:"الإنسان الذي يضحك، يفعل ذلك
لأنه لم يسمع بالأخبار الفظيعة المروعة!"
كثير ما أرى مثل أولئك الناس، وعذري أنهم لشدة
نقاوتهم وتقواهم، يرون كل الناس بمثل هذا المنظار.
فهم حتى إن وصل الشيطان عندهم، "استعاذوا منه"، فيهرب.
* * *
لكل شيء عزيمة، ورخصة.
وتشخيص متى ننطلق بالعزيمة أي المكاشفة بالواقع، أو الأخذ بالرخصة يعود لنا.
وطالما اختلف البشر، واختلفت افهامهم فإن تشخيصاتهم للواقع تختلف.
وطالما كان هناك مجالٌ للصمت، فإلتزموه، برأيي.

شكرا