10 سبتمبر 2008

كويليو و شيطان بريم !

.
علاقتي مع الروايات مثل علاقة والدتي حفظها الله مع الحلويات ، و لمن لا يعرفها فهي تجيد صنع اللقيمات و لكنها لا تستسيغ طعمها !
.
عشقت في طفولتي أغاثا كريستي فقرأت رواياتها كلها ، ثم عشقت أرسين لوبين فغصت في بحره ، ثم حبوت في عالم روايات الكبار مع جرجي زيدان ، ذلك الفذ في روايته النادرة " غادة كربلاء " مع هذا فلم أكن في يوم من الأيام نهمًا باتجاه الروايات بل فضلت اتجاهات أخرى ، اتجاهات أخذتني لموارد كانت و لا زالت تجذبني و لكني معها أمسيت كمن قال فيهم الشيخ الرئيس ابن سينا - و النقل بالمعنى عن ذاكرتي التعيسة -: لا تناقش هذا الذي كل يعرف كل شيء عن شيء واحد فلن تغلبه ، و لكن ناقش هذا الذي يعرف شيئًا عن كل شيء فستغلبه .
.
معرفتي بـ " باولو كويليو [اضغط] " قصيرة ، بدأتها مع " الخيميائي " حين اشتهرت و لم تعجبني كثيرًا ، و لكن أصريت على توطيد العلاقة مع " الزهير " فأثارت اعجابي ، و لكني وقفت لأصفق و أنا أقرأ " الشيطان و الآنسة بريم " .. رغم أن كويليو لم يأت بجديد ، و لم يطرق بابًا تركه الأولون بل سبقه فيه الكثيرون ، و لكنها صياغته لهذا الباب تستحق الثناء .
.
في الشيطان و الآنسة بريم يناقش كويليو قضية محورية ذُكرت كثيرًا في مكاتبات الفلاسفة و عُلماء الكلام : وجوه الشر .
هل الشر أصلٌ في الإنسان أم هو طارئٌ مكتسب ؟
.
لن أناقش الرواية ، فلست في هذا المجال .. و لكني هُنا أنقل كما هي عادتي في الكتب التي تعجبني أنقل مقتبسات تحت عنوان التأملات ، لعلها تلامس هوىً في غيري كما لامست فيَّ .
A
ـــــــ
" تقول شانتال [ بطلة الرواية ] و هي تسر في نفسها : يا للأغبياء ![ سكان القرية الريفيون ]
إنهم لا يدركون أنه في كل مرة يُدني فيها شخص ما ، في مكانٍ ما ، شوكة من فمه إنما يفعل ذلك بفضل أناس من طينة أهل بسكوس [ القرية] الذي يكدون من الصباح حتى المساء بلا كلل ، حرفيين كانوا أم مزارعين أو مربي مواشي إنهم ضروريون للعالم أكثر من كل سكان المدن الكبيرة و مع ذلك يتصرفون أو يعتبرون أنفسهم مثل كائناتٍ دُنيا ، معقدة و غير مفيدة . "
.
B
ـــــــ
" إنَّ للخير و الشر وجهًا واحدًا ، كل شيء يتعلق باللحظة التي يلتقيان فيها بالكائن البشري ، و هو في طريقه . "
.
C
ـــــــ
" إنَّ لعب دور النفوس الرحيمة هو أمر جيّد فقط لأولئك الذين يخشون الاضطلاع بمواقف في الحياة .
إنَّ إيمان المرء بطيبته الذاتية أسهل عليه دائمًا من مجابهته للآخرين و كفاحه من أجل حقوقه الشخصية ، و إنَّ من الأيسر دائمًا أن نتلقى الإهانة من أن نملك الشجاعة لمجابهة خصم أقوى منّا .
باستطاعتنا أن نقول دائمًا إن الحجر الذي رُشقنا به لم يصبنا و في الليل فقط عندما نكون بمفردنا أو يكون الزوج نائمًا أو الزوجة أو زميل الصف ، في الليل فقط نستطيع أن نرثي بصمتِ جُبننا . "
.
D
ـــــــ
" ليست الرغبة في الخضوع للقوانين هي التي تلزم الجميع بما يفرضه المجتمع ، بل الخوف من العقاب .. كل منّا يحمل مشنقة في أعماقه . "
.
E
ـــــــ
" هناك نوعان من الحمقى: أولئك الذين يعدلون عن فعل شئ لأنهم تلقوا تهديداً، و أولئك الذين يعتقدون بأنهم سيفعلون شيئاً لأنهم يهددون الغير . "

هناك 14 تعليقًا:

Yin مدام يقول...

" ليست الرغبة في الخضوع للقوانين هي التي تلزم الجميع بما يفرضه المجتمع ، بل الخوف من العقاب .. كل منّا يحمل مشنقة في أعماقه . "

هذه الحالة ليست سائدة بشكل واسع حاليا ... لإختفاء مبدأ العقاب الإجتماعي وتلونه
الكثير منا يتبع بعض القوانين لإيمانه بها
والكثير منا يخالف بعض القوانين لعدم إقتناعه
نحن الآن في مرحلة صراع مع المجتمع والنفس
أما بالنسبة للقضايا والقوانين الدينية فنحن نخاف العقوبة بشكل كبير ومع ذلك نخالفها ببجاحة وقلة حياء فنحن نعتقد أو نؤمن بوجوده
ولكننا لم نره بعين اليقين لنرتدع

ما أدري إذا قدرت أشرح ما أقصده
صار لنا يومين مو نايمين والعقل مو قادر يجمع

:)

Sowhat يقول...

اخي الكريم احبب ما تطرح فأضفتك في القوقل ريدر اي انك ستجدني عندما تطرح اي موضوع ( لزقت )
انا مثلك اعشق القراءة واقسمها كالتالي فكتب الطب و الادب و الكتب الدينية هي كالطعام الدسم الذي نأكله في وجباتنا الأساسية و لكن هناك ايام تكون فيها شبعا لا تقدر على هضم الكثير فتلتقط من الرف رواية خصصتها لذلك اليوم الثقيل لتخفف عنك بها

اكتشفت باولو مثلك بالخيميائي و من ثم قمت احرص ان اترك في مكتبتي كتابا له للأيام العصيبة المذكورة اعلاه
الى الأن قرأت جميع كتبة بالأنجليزية فلا أعرف مدى جمالية كتبة بالعربية بصراحة لكن ممكن ان اخبرك شخصيا بما يتميز باولو في نظري .. باولو في نظري ليش بالفيلسوف العبقري الذي لم تنجب مثلة امة على الأرض بل ان سان ذو خبرات و مقواقف جميلة و تفكير عميق في اشياء بسيطة ... يطرح لك موضوع من منطلق اخر نعم تكون قد فكرت به بهذه الطريقة ولكن لم تقرأ و لم تفكر ان تصيغة بهذه الطريقة وهذا ما يثير الأعجاب ... تدور قصص باولو في عدة افلاك ولكن في النهاية هي عبارة عن رحلة الكاتب عبر الشخصية المطروحة لأكتشاف الذات سواء كان الصبي في الخيميائي ام البنت اللبنانية في ساحرة بورتبيلو ,,, باولو ساحر في بساطتته وفي تفسير الأمور ببساطة وفلسفتها .. انه ليش اعظم فيلسوف .. ولكن اعظم من كتب قصة فلسفية

مواضيعك روعة

Salah يقول...

قرأت الخيميائي وعجبتني وبعدها قرأت جزء من فيرونيكا قررت أن تموت فلم أستطع أن أكمل الكتاب وأعلنت حربي على هذا الكاتب.

كان انطباعي عنه انه يخاطب المرأة فقط!

ولكن بعد أن قرأت ما كتبت عنه في هذه المدونة العامرة، قد أعيد النظر واعطي كتبه الأخرى فرصة أخيرة!

تحياتي

esTeKaNa يقول...

رائع!
مثلك بدأت بقراءة اجاثا كرستي
حفظت رواياتها واسلوب تفكيرها حتى بت افكر بذات الطريقه اتجاه كل شئ
:)
زيدان قرأت له كثيرا
ولكني اكتشفت انه في بعض رويااته وان لم تكن كثير منها يدس السم بالعسل ويغير بعض الحقائق التاريخية التي ان لم تكن لا تعرفها لن تنتبه اليها
!!
اما كويلو وشيطان بريم

لم اكن متشجعه لقرأءتها
ولكن بعد هذا المقتطفات المشجعه
اجد نفسي متشوقه لقراءتها باقرب وقت ممكن
:)
بوست جميل جدا
اشكر مرورك في مدونتي الذي قادني بالتبعيه لمدونتك الراقيه جدا

غير معرف يقول...

جميل جدا...

باولو كويلو هذا الروائي البرازيلي الشهير .. تميز كتاباتة بفلسفة الحياة .. يدخلنا في أعماق ذاتنا .. في بعض الورايات حين أقرأها وانتهي منها انسها تماما وكأني لم أستفد شيئا.. لكن مع كويلو أطمع للمزيد .. أعيش معة .. أنسجم .. ثم أغوص في أعماق نفسي .. لأجد ماتكلم عنه داخل في أعماقي ..

قرأت له الخميائي .. الزهير .. الظاهر ..فيرونيكا تقرر أن تموت ..الجبل الخامس .. على نهر بيدرا هناك جلست فبكيت ..ساحرة بورتبيللو ..ورائعتة حاج كومبوستيلا

الكتاب الذي تحدثت عنة ينقصني صراحة و 11 دقيقة والذي لا افكر بامتلاكة ..

ولدية الكثير ايضاً .. قرأت له العديد من المقالات الجميلة ..

بصراحة أعشق هذا الكاتب :)

ودمتم بخير وسلام

Manal يقول...

انا من قراء هذا الكاتب الكبير

ونعم بدأت بالخيميائي

ومرورا بفيرونيكا تقرر ان تموت
والزاهر وآخر كتاب لا يحظرني اسمة الذي يضم مجموعة من القصص القصيرة

اتحفظ على اسلوبة في الوصف المشاعر البشرية

وايضا الاوضاع والاحداث في بعض المواضيع

وساضع روايات كريستي في الخطة القادمة
بعد ان انتهي من قراءة الرجال من المريخ والنساء من الزهرة


:)

Safeed يقول...

Yin ،،
وصلت الفكرة ، مع العلم بأن مسألة القوانين في كثير من الأحيان تندرج تحت باب الأخلاق و الفعل الأخلاقي كما يقسمه علماؤنا .
ما يقوله الفلاسفة اليونانيون و العلماء الغربيون حاليا بأن " العقل " هو مدار الحكم باستقباح شيء أو تحسينه .
بينما ما يقره الإسلام هو " الإرادة الإنسانية " أو ما يعرف بالمصطلح القرآني بالنفس اللوامة .
لذلك حتى من لا يعتقد ببعض القوانين يجبر على أن يتبعها ، لانه لو لم يتبعها فسينبذ اجتماعيا .. هذا في المجتمعات الحية .. أما مجتمعاتنا الحالية فقد قرأنا عليها الفاتحة .
و سلام الله على من قال : لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا .
و كم نحن نفتقد هذا اليقين للأسف .
.
.
شكرًا للمرور

Safeed يقول...

sowhat ،،
أحسنت .. أحســنت .. و أيضًا أحسنــت ..
باولو كويليو ليس فيلسوفا و لكنه مر بتجربة ، ثم قام بما نعجز عنه نحن .. دونها و نشرها للناس .
.
من يقرأ الزهير يرى أنها ليست سوى سيرة ذاتية تحت قناع ذلك الكاتب المشهور ..
.
نجاح الكاتب ليس بفكره ، و إلا لأصبح كل الكتاب " ناجحين " و لكن نجاحه يظهر في مدى ملامسة حروفه لما يناقشه الناس في داخل نفوسهم.
.
هذه المدونة و صاحبها يتشرفان بمحضركم الكريم :)

Safeed يقول...

Salah ،،
زادي من باولو كويليو 3 روايات .. و عدة مقالات .. و مقابلة له مع مجلة العربي قبل سنتين تقريبا .
.
و لكن سمعة الرجل و حروفه تجبرك على أن تصفق احتراما له ، رغم أن رواياته بما قرأت نهايتها مفتوحة ،، و هي نقطة ضعف عند الكتاب لأنهم غير قادرين على تصور صيغة تنهي كل السطور ..

إلا عند كويليو فإنها نقطة قوة لانه يزودك بالأدوات في رواياته التي تجعلك قادرا على رسم النهاية .. بحسب ما تريد .
.
خاطب المرأة أو خاطب الرجل .. بالنهاية هو يخاطب [ إنسـان ] يملك نفس المشاعر و الأحاسيس .. و الاحاديث .
.
.
شكرا للمرور

Safeed يقول...

estekana ،،
عقل الإنسان يجب أن يكون مثل جهازه الهضمي .. فمٌ قادر على أكل الطعام ، و معدة قادرة على هضمها ، و أمعاء قادرة على التخلص من السموم و الإبقاء على المفيد من هذا الطعام المهضوم .
.
.
كل كاتب يكتب بناءً على خلفياته الثقافية ، و ينطلق من آرائه .. بما فيهم أنا و أنتِ و غيرنا ..
العبرة هو قدرتنا على " النقد " .. لا التشكي من " الانقياد " ،،
.
شكرًا للمرور .. و مشاركتكم كانت أجمل من مروري ..

Safeed يقول...

الموت يعشق فجأة مثلي ،،
.
.
يقول كويليو في الخيميائي : تذكر دائمًا أن عليك معرفة ما تريده .
.
.
متى ما عرف الإنسان ما يريده ، سيجده في كل مكان ... المهم هو أن يعرف ما [ يريده ] بنفسه .. لا أن ينتظر أحدًا يُعرّفه عليه .
.
.
أما انا فأعشق صياغة هذا الكاتب لهذه المفاهيم :)
.
.
شكرا للمرور

Safeed يقول...

manalq8 ،،
.
.
التحفظ جزء طبيعي من الفكر البشري ..
لا يوجد هناك اتفاق عام على شيء معين ، لأن الاتفاق العام هو خلاف طبيعة البشر ..
.
.
المهم هو أن نكون مثل النحل .. نأخذ من كل زهرة رحيقها ، ثم ننتج منها عسلا مصفى ..
و ندع السموم في مكانها ..
.
.
قراءة ممتعة .. و شكرًا للمرور :)

غير معرف يقول...

باولو كويلو

عجيب !

عرفته في الخيميائي أيضاً ، و بالنسبة لي أعجبتني كثيراً !

لأنك تستطيع أن تستفيد من كل صفحة تقرأها !

الشيطان و الانسة بريم، جميله، و بها فلسفات رائعة، لكن نظل نحن المسلمين لدينا الاجابة ، أن المؤمن كله خير .. بخلاف من لا دين لهم ..

أنصحك ب: على نهر بيدرا هناك جلست فبكيت ! اعجبتني لأني تعلمت عن الدين المسيحي، و هذا الأمر ساعدني للتعامل مع الذي أعرفهم و يعتنقون هذا الدين!

صلاح: فيرونيكا تقرر ان تموت ليست كباقي الروايات، اعط الكاتب فرصة أخرى :)
فيرونيكا ، كلها تتحدث عن أمراض و عن اشياء تغم .. مع ان اسلوب القصة اعجبني ..

الرائع ان ترجمة كتب باولو هي ترجمة احترافية، فلا تحس أنها مترجمة .. الا بعض الروايات أو بعض الأسطر ..

و ما أحبه في هذا الكاتب، فلسفته الاسبوعية ! التي أصبحت في ذهني فساعدتي كثيراً في حياتي ! و ألهمتني الصبر و التفاؤل .. و التي تنص على أن اسبوع واحد كفيل بأن يغير حياة انسان بأكملها .. لذلك جميع أحداث رواياته، تحدث في اسبوع واحد !

شكراً لك : ) و مدوّنة رائعة ..

Safeed يقول...

mai ،،
شكرا للمرور ..
قرأت " الشيطان و الىنسة بريم " بناءً على نصيحة ، و كانت آخر نسخة وجدتها في مكتبة جرير .
.
.
في الزيارة القادمة إن شاء الله اشتري على نهر بيدرا .. بناءً على نصيحتكم .
.
.
كما قلت كويليو أعاد الصياغة مجددا ... في وصية الإمام الحسن " ع " لجنادة بن أبي أمية : .. و لا تحمل همَّ يومك الذي لم يأت على يومك الذي أنت فيه .
.
.