19 يناير 2009

غزة .. شيء من السياسة و التعاسة .





أسوء ما في التاريخ أن أحداثه لا تُكتب إلا بأحبار حمراء من دماء الأبرياء ، منذ قتل قابيل أخاه فأهلك ثلث البشرية إلى اليوم ، لا زال الإنسان يرسم ملامح قوته و يثبتها بقدرته على سفك الدماء ، هكذا يحقق مطالبه ، لم يتعلم طوال هذا التاريخ أن تاريخه دون البشر لا معنى له ، و أن الدماء التي يسفكها ستكون أول اسفين يدق في نعش ما يحاول بناءه ، كلهم يقتلون ليبنوا مجدهم فيتحول هذا المجد إلى لعنات تنصب عليهم بعد سنوات لأنه مجدٍ بني على عظام الموتى الهشة .


على رغم كل هذا التطور المادي و الإرتفاع في المستوى العقلي لا زالت سنن البشرية كما هي " و لو تأملت حق التأمل وجدت هذه الحضارة الحاضرة ليست إلا مؤلفة من سنن الوثنية الأولى ، غير أنها تحولت من حال الفردية إلى حال الإجتماع ، و من مرحلة السذاجة إلى مرحلة الدقة الفنية " [1] ، هكذا تحول القتل من وسيلة في عصر قابيل إلى غاية و هدف في عصرنا الحالي كل ما اختلف بينهما هو أنّ قابيل لم يعطي المبررات و لم يغلف ما فعله بالحجج و البراهين حتى يغسل الدماء من يده بتلك الحجة ، و هذا ما لا يحدث الآن ، تحول القتل إلى غاية تساق له المبررات و تصفق له الجموع البشرية و تنطرب لأصوات أزيز الطائرات و المدافع لأنها تظهر عنصر التجبر و الاستكبار الكامن في نفسه ، يندفعون لتأييد القاتل و يصفقون له لأنهم أجبن من أن يقتلوا بأيديهم و قام القاتل بما عجزوا عنه .


سألوا يوما الإمام الرضا عليه السلام عن ثأر القائم عليه السلام من أبناء قتلة الحسين عليه السلام فكان جوابه : و من رضى شيئا كان كمن أتاه و لو أن رجلا قتل في المشرق فرضي بقتله رجل في المغرب لكان الراضي عند الله شريك القاتل [2] .


هذه هي الحقيقة البديهية التي لا يريدون استيعابها ، لو لم يجد القاتل من يعطيه القابلية لعمله ما استمر بفعله ، فكل فعاليته هي نابعة من قابلية من يمهد له الطريق ، و يسبغ عليه الثناء ، و يعطيه المبررات ، و يكتب له التأويلات ، بل و يعتبر نفسه ناطقًا باسمه قائمًا بفعله لأنه في داخل نفسه أجبن من أن يتخذ موقفًا يثبت فيه استقلاليته و حريته ، مثل ما كان في الحرب الأهلية الأمريكية حين وقف بعض العبيد ضد القوات الإتحادية لأنهم لم يتصوروا أن يتمكنوا من الحياة دون أسيادهم.


الهجمة الصهيونية على غزة و ما يحدث فيها لا يمكن فصلها عن الواقع السياسي المزري الذي وصلت له الأمة ، و لا يمكن فهمها بدون استقراء واضح للتاريخ حتى وصولنا لهذه اللحظة و لكن لا يمكن اختزال تاريخ أمة ببضعة سطور للأسف .


بتجريدٍ بحت حين ننظر لقضية غزة بعيدًا عن شقها المأساوي ، نرى أنها قضية مفصلية لرسم واقع المنطقة خلال السنوات القادمة ، السياسيون لا يهتمون بمقدار التضحيات و المقدمات بل تهمهم النتائج و ما يُبنى عليها ، بداية ما حدث لغزة يعود لنهاية عهد كلينتون حين تم القرار بإنهاء القضية الفلسطينية و تسويتها و لكن كان لياسر عرفات موقف خالف فيه التوجه الذي أرادته الإدارة الصهيونية بسلب حقوق الشعب الفلسطيني على رغم كل مواقفه وسلبياته إلا أنه استوعب أن أوسلو لم تكن سوى ألعوبة ، لذلك رمى كلينتون تبعية عدم انهاء القضية على رأسه عند انتهاء ولايته ، و قرروا التخلص منه كعقبة موجودة في طريق طي ملف هذه القضية .


انتهوا من عرفات و ظلت سوريا و إيران و حزب الله و الفصائل الفلسطينية في المرصاد ، حاول الصهاينة كسر حزب الله عام 2006 فكانت هزيمة ساحقة لهم و لمخططهم الذي أبلغوه لدول الاعتدال العربية [3] قبل إعلان الحرب على لبنان ، هذه الحرب التي حدثت تحت مبرر " الطائفية " كما عبر ذلك شيمون بيريز : " حزب الله سيكون أداة لبسط النفوذ الفارسي لإيران الشيعية على الشرق الاوسط المعروف بغالبيته العربية السنية، ومن ثم من حق الدول السنية الكبرى في المنطقة أن تشعر بالقلق. " ، و هي الحرب التي وصفتها رايس بأنها المخاض للشرق الأوسط الجديد ، إن أسوء ما الحروب ليس بشاعتها و دمويتها و لكن تبريرها لهذه البشاعة و الدموية تحت ذريعة الخوف من ( هويّة ) الطرف المقابل .


تحت هذه الذريعة برروا حرب لبنان ، و برروا همجية الصهاينة في غزة ، و برروا كل المواقف الدوليّة المتخاذلة و فضلوا أن يرموا بتبعات الدماء على رقبة الضحيّة ، لأنها أضعف من الجلاد و لأن التبعية له أهون على نفوسهم من الإقرار بـ " هويّة " الضحية ، دماء هؤلاء الأبرياء سيتشارك فيها كل آثر أن يقبع بزاويته مبررًا و مدافعًا عن السفاحين و لو بكلمة بحجة أنّ فأسهم أكبر من سكين الضحايا ، و كأن على الناس أن يقبلوا شرب الهيم من الحميم لأنهم لا يجدون الماء المعين !


و الآن برغبة و إرادة الدول العربية المعتدلة تم شن الحرب الأخيرة على غزة كخطة بديلة عن الفشل في لبنان لمحاولة إعادة إحياء عملية طي الملف الإسرائيلي الفلسطيني نهائيًا برغبة عربية وفق الشروط الإسرائيلية، و لكنهم صدموا بالهزيمة تتكرر مجددًا لتضع بصمة جديدة على درب الفشل الصهيوني في العهد الجديد ، فهذه المرة لا بارود فاروق و لا ماكو أوامر غلوب باشا هي من تحاربهم ، و رجعت نفس المبررات مجددًا .


الصراع الآن هو صراع بقاء إسرائيل لذلك هي تتوحش في كل يوم أكثر بهجومها على غزة قبل الهدنة و بعد سقوطها كما توحشت في هجومها على لبنان لأنها تعلم أن القوى الكبرى لا يمكن لها أن تغفر لها انكسارين بعد هذا الغطاء الدولي المفتوح ، و هي تعلم يقينا أن فشلها يعني انفاذ المطالب التي تريدها إيران و سوريا رغما عنها بموافقة أمريكية ، لأن أمريكا الحالية بانتظار النتائج لما يحدث في غزة و بناء عليها سيرسم أوباما السياسة التي دعا إليها بالمفاوضات ، طبيعي انه يريد أن يفرض شروطه في تلك المفاوضات و لكن ما يحصل على أرض الواقع لا يبشر بهذا الشيء ، و ايقاف إطلاق النار هو شهادة وفاة جديدة للعسكرية الصهيونية الهمجية ، إيذان بفشل جديد يضاف لسجلات الفشل العربي في المراهنة الخاطئة على البيدق الخاطئ.


النتائج التي ستترتب على ما حدث في غزة ، و ما حدث في لبنان قبل ثلاث سنوات ستأتي أكلها قريبًا ، و قريبًا جدًا .


و ستبقى دماء الأبرياء شاهدًا على همجية الإنسان الكامنة فيه ، و إن تمظهر بالتمدن و التحضر .




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


[1] من كلمات العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي رحمه الله في تفسير الميزان ج 4.


[2] الرواية كما رواها الشيخ الجليل الصدوق قدس سره في " علل الشرائع " ج1 :


عبد السلام بن صالح الهروي قال : قلت لأبي الحسن علي ابن موسى الرضا " عليه السلام " يا بن رسول الله ما تقول في حديث روي عن الصادق " عليه السلام " أنه قال : إذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين " ع " بفعال آبائها ؟


فقال " ع " : هو كذلك.


فقلت : فقول الله عز وجل ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) ما معناه ؟


فقال: صدق الله في جميع أقواله لكن ذراري قتلة الحسين يرضون أفعال آبائهم ويفتخرون بها ومن رضى شيئا كان كمن أتاه ولو أن رجلا قتل في المشرق فرضي بقتله رجل في المغرب لكان الراضي عند الله شريك القاتل وإنما يقتلهم القائم إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم.


[3] BBC- طائفية" حزب الله بين إسرائيل ولبنان"

  • تحديث لا علاقة له بأصل الموضوع:

تم اليوم الحكم ببراءة سماحة السيد الفالي من التهم المنسوبة له :

- لقراءة التفاصيل : اضغط .

- لقراءة ما يتعلق بالموضوع : اضغط .

هناك 17 تعليقًا:

Ahmed.K.A يقول...

تحليلك للأوضاع السياسية في وقتنا الراهن ينص على ثقافة اسلامية رصينة و وعي قل ما نجده في مثل هذه الأيام ..

السياسة قذرة و غادرة ،
و بسببها شنت الحروب الثلاث على أمير الموحدين (ع) ..

أحسنت و أجدت صديقي ..

Salah يقول...

أحسنت

ولكن أرى أن الغرب قد غفر للصهاينة انكسارهم الثاني... وذهبوا أذلاء لهم يضمنون لهم أمن دولتهم، رغم أن شعوبهم غاضبة على ما يحصل في غزة وعلى سكوت حكوماتهم.

تحياتي

بو محمد يقول...

أخي الفاضل
تحليلك في محله صراحة
هناك ثلاثة أنواع من الأعداء يواجهها الإنسان في حياته
نفسه الأمارة بالسوء
إبليس و خيله و رجله وشياطينه
الظلم بكل صوره
فحبذا من اجتمع فيه و عنده الثلاثة
فذاك من تطرقت له في مقالك
أحسنت
دمت و الأهل و الأحبة برعاية الله

Yin مدام يقول...

تسلم الأيادي

تحليل سليم وتجريد رائع..
وكم يحتاج الإنسان العربي لأن ينظر للأمور بمختلف مجالاتها بتجرد في الأوقات الراهنة .....


أحسنت وقواك الله
ماشاءالله كل مقال أروع من الثاني

الله يحفظك يا سفيد
ويزيدك من فضله
ماشاءالله تبارك الرحمن
خمسة وخميسة بعين العدو واللي ما يصلي عالنبي :)

أخاف باجر تقول صكيناك عين ولا شي :))

Hasan يقول...

احسنت ، كلام جميل و تلخيص مميز للاحداث و اعتقد رغم الجراح العميقة هذه الاحداث اسقطت الكثير من الاقنعة التي كانت معلقة بطرف رفيع .......

سيدة التنبيب يقول...

الحمدلله سيدنا براءة..

و إن شاء الله تقر عيونك و عيوننا و نشوفه ببلد الخير و العدالة من جديد ينور منابرنا و عقولنا ..

TruTh يقول...

يعطيك العافية على المقالة الرائعة

و الحمدلله ان الحرب على غزة وقفت

عسى الله ينصر كل المسلمين في كل بقاع الأرض

و تسلم ايدك

ZooZ "3grbgr" يقول...

كم تدمي قلوبنا صرخات البشرية

وكم تألمنا لألم من عادانا وآذانا

وكم استصرخنا طلب من كان عزيزاً وأذله الزمان

وكم ابتلعنا مر الهزيمة والألم من أهل وأقرباء

ولكن كل ذلك يهون عندما تدرك أن الأمل قادم

عندما نعلم أن قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار

عنما نعلم أن دماءهم روت أرضهم فارتوت وظلت عطشى

نسأل الله قبول جهاد الشهداء والمظلومين

ونسأل الله مسامحتنا فلم ننصركم إلا بدعاء متكرر ودمع متذمر ودينار متدثر

:(

ZooZ "3grbgr" يقول...

سفيدان

ذكرت غلوب باشا

اقصدت كتابه حرب في الصحراء؟؟

أقرأه الآن

يا الله .. ما أوسخ التاريخ


أرجوك وضح ما قصدت بالجملة

"فهذه المرة لا بارود فاروق و لا ماكو أوامر غلوب باشا هي من تحاربهم"

بوت شكريا إن أدفانس

Safeed يقول...

Ahmed.K.A ،،

هي السياسة نجاسة ، و الدين طهارة ، لذلك قال أمير المؤمنين عليه السلام : والله ما معاوية بأدهى منِّي ، ولكنه يغدر ويفجر ، ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس .
ولكن كلّ غُدرة فُجرة وكلّ فُجرة كُفرة ، ولكلِّ غادرٍ لواءٌ يُعرف به يوم القيامة ، والله ما استُغفِل بالمكيدة ، ولا استُغمِز بالشديدة .

شكرا لمرورك .

.
.

Salah ،،

أنا أرى أنه لم يغفر لهم الإنكسار الأول في لبنان إلا بعد درس جورجيا الذي كان برفع اليد الأمريكية ، و تركهم لوحدهم أمام الدب الروسي حتى يعرفوا أن ما يحفظ وجودهم ليس قوتهم الذاتية إنما الرغبة و الإرادة ببقاءهم .
لولا التوافق العربي على صنع اسرائيل و ابقاءها و الإرادة الغربية لذلك ، لما ظلت إلى هذا اليوم .
الإنكسار في غزة هو صفعة ثالثة للإسرائيليين تثبت عجزهم عن الحروب الحقيقية و أن ما مروا فيه مع حروب مع الدول العربية كانت مجرد مسرحيات هزلية لم ترقى لمستوى الحروب و أن القوة التي اثبتوها هناك كانت قوة صوريّة بثتها الولايات المتحدة و صنعت منها اسطورة .
لا يوجد قائد صهيوني الآن يجرء على التلفظ بمثل ما تلفظ به شارون أول استلامه للسلطة لأنهم تعلموا الدرس جيدا .

Safeed يقول...

بو محمد ،،

و هذه الصفات الثلاثة لا يمكن لها أن تخرج و تظهر لولا توافر الأرضية لها ، و حالة الذل التي يشعر بها البعض هي من سمحت لهؤلاء الطغاة بالاستمرار في نهجهم بل و صاروا يبررون لهم همجيتهم .
جدا غريب ما حدث في الحرب الأخيرة حين يخرج أحدهم ليبرر جرائم القتل هذه بحجة أن حماس أو الفلسطينيين أطلقوا صاروخا من صنع منزلي على إسرائيل و كأن الدفاع عن النفس و المطالبة بالحق و الرد بالمثل و لو من باب المشابهة جريمة عظمى .
كما قال ابن خلدون ( المغلوب مولع أبدا بتتبع الغالب ) ، و لولا الغلبة التي سلبت شخصياتهم ما تولعوا بهؤلاء حتى في اجرامهم .

شكرا للمرور .

.
.

Yin ،،

الله يسلمكم ،
مر على بالي تشبيه لطيف بمناسبة ذكر الإنسان العربي ، و هو لماذا نستطيع ذبح الخروف بالسكين و لا نستطيع ذبح الأسد بنفس السكين ؟
الإجابة هي أن الخروف حيوان " مذلل " ، و الأسد حيوان " حر " ، لا يقبل بالتذلل .
عاد تصنيف الإنسان العربي وين بيكون هذا أتركه لحكمكم :)

و أنتم من المحسنين إن شاء الله ، و نسألكم الدعاء لحاجة في نفسي :( .

شكرا للمرور .

Safeed يقول...

Bo_ali ،،

و الأقنعة التي لم تكشف لاتزال أكثر .
الفائدة الوحيدة لمثل هذه الأحداث المؤسفة هي قدرتها على تصنيف الناس و اظهار توجهاتهم بعيدا عن ما يدعونه من مبادئ الحرية و الإنسانية و الديمقراطية ... إلخ .
شكرا لمرورك :)

.
.

سيدة التنبيب ،،

الحمد لله الذي أظهر الحق .
في الزيارة الجامعة :
( و أمن من لجأ إليكم ، و سلم من صدَّقكم ، و هدِيَ من اعتصم بكم ).

و أسأل الله عز و جل أن يقر أعيننا بالقريب العاجل .
( حاليًا هو متواجد بالناصرية ) :)

Safeed يقول...

TruTh ،،

الله يعافيكم ،
شكرا لمروركم :) .

.
.

ZooZ ،،

على الرغم من أني مو مؤيدي نظرية المؤامرة بمثل ما يصورونها حاليا ، إلا أني أؤمن بشكل كبير بأن السياسة و ما يحدث فيها الآن يسير على مخطط موضوع منذ زمن طويل ، الأحداث فيه مرسومة لكن النتائج فيه غير مضمونة لذلك هو قابل للتغير وفق النتائج التي تولدها كل مرحلة .

قرأتي " مذكرات المستمر همفر " ؟
لما قرأتها أول مرة حسيت بمبالغة فيها ، و لكن - سبحان الله - من خلال الصدفة تعرفت على أحدهم و كان ابن عمه المرحوم هو من ترجم هذه المذكرات للعربية و أطلعني على وثائق ألمانية تخص الموضوع ، و لم استبعد صحة هذه المذكرات بعدها .

تاريخنا بحاجة لإعادة اطلاع و قراءة مجددة ، الدور الذي لعبته شركة الهند الشرقية في رسم ملامح الدول و السياسات الحالية في المنطقة يظهر بشكل واضح أن مستقبل هذه المنطقة كان معدًا منذ زمن طويل و أن أغلب ما يحدث الآن هو من آثار تخطيطات و ألعاب استعمارية قديمة جدا بدأت تأتي أكلها الآن ، الدور الروسي في إيران ، و البرتغالي في عُمان ، و البريطاني في الهند و الخليج و العراق و هو أسوء الأدوار ، و الفرنسي في الشمال الأفريقي كله يؤيد هذه النظرية .

الواضح الآن أن إسرائيل إنما قامت و بقت بإرادة عربية و رغبة غربية لتطبيق سياساتها ، و أن جميع الحروب العربية كانت لمجرد ذر الرماد في أعين الشعوب لايصالها لحالة الانكسار ، حرب 1948 التي أدخل فيها فاروق البارود الفاسد " فتوهق " الجيش ، و غلوب باشا الذي قاد الجيش الاردني و طولب بان يقاتل " ربعه " في مهزلة مضحكة و الجيش العراقي و السوري الذي وقف في ساحة المعركة صامتا و الحجة " ماكو أوامر " ! ، بينما فرقة واحدة تصرفت برغبة قائدها الميداني في الجيش الأردني أوقعت هزيمة كبيرة في صفوف الهاجانا الصهيونية و تم قتل هذا القائد خلال المعركة .

حروب الصهاينة تثبت أنهم حتى سنة 1967 كانوا يتقدمون و يحتلون المناطق العربية و هي خالية من سكانها بعد أن يهربوا منها للعمق العربي على أمل الرجوع لها ، فأغلب حروبهم لم تكن سوى تملك لمناطق فارغة لا سكان بها ، حرب 67 الوحيدة التي احتلوا فيها مناطق عربية بها نسبة كبيرة من السكان و كما ترون إلى اليوم لازالوا يعانون من هؤلاء على العكس من مناطق 48 !

وقوف دول ما يسمى بالاعتدال العربي مع إسرائيل في حروبها الأخيرة يثبت هذا الشيء ، و ما يثبته أكثر هو أن الحروب الإسرائيلية هذه الدول تقوم بتعويضها للمتضررين ، لا اسرائيل من شنت الحرب !

وجهة نظري أن الأمة العربية تقع تحت ما سماه الراحل مالك بن نبي بـ " قابلية الاستعمار " و هي حين يتم ايجاد قابلية عند الأفراد لقبول الاستعمار بسبب السياسة التضليلية التي يخطها و يرسمها ، فهو يوجد اشخاص ذوي دعوات وطنية ظاهرة و باطنها مجرد ادوات لهذه القوى ، حتى تنفذ مخططاتها و إذا ما فشلت فالفشل يعود " للوطنية " لا لهذه الشخصيات .

مالك بن نبي ابدع في دراسة هذه الشخصيات و لكن للاسف الى اليوم الكثيرون يقعون تحت تأثير الايمان بتفوق اسرائيل و في الواقع هي مجرد لعبة ستنتهي الحاجة لها في وقت من الاوقات.

و بس جني كثرت من الحجي :)

شكرا للمرور .

Safeed يقول...

فقط إضافة لكلامي السابق لـ ZooZ ،

قبل 8 سنوات بالضبط .. تكلم أحد الأشخاص عن حرب أفغانستان و العراق و لبنان و عن الأزمة الاقتصادية الحالية و وصفها بأنها ستكون اسوء من ازمة 1929 .. 8 سنوات و إلى اليوم أتذكر كلامه كأنه كان بالأمس !

و حبذا لو تم الإطلاع على تاريخ " شركة الهند الشرقية " و مثلها الشركة الهولندية قبل ثلاث قرون إلى نهاية القرن التاسع عشر :) و دورها في رسم سياسات الدول .

ZooZ "3grbgr" يقول...

جاري العمل على ذلك

كل الشكر سفيدان

مثري للحوار دائماً

:")

علي حيدر النويسندي يقول...

إسرائيل تصرح انها حققت اهدافها السياسية؟
.........
اول قمة اقتصادية عربية هدفها الاقتصاد الموحد العربي لا تحقق اهدافها الاقتصاديه وتتحول إلى قمه سياسية؟
.......

قمة في الدوحه قبل القمة الاقتصادية زعزت القمة الاقتصادية في الكويت ؟
.......

القمة الاقتصاديه الكويتية في اول يوم كان الحديث عن تعاون اقتصادي مشترك ورفع الضرائب وتسهيل التبادل التجاري لكن تحول الحديث إلى حديث سياسي وخلافات ودول ممانعه ودول ضد إلخ ؟
......

وكأن هناك هدف بعيد بتحويل اي حديث عن التكامل الاقتصادي العربي إلى حديث سياسي يشجب ويستنكر ويتبرع ؟؟
......

وجود كيان اقتصادي عربي موحد يرفض التعامل مع اسرائيل تشكل خطر على الدولة الماسونية اليهودية ،والكل يعرف الكويت ومواقفها وان الكويت كانت نقطة البداية لبعض منظامات المقاومة الفلسطينية بشهادتهم ؟

......

ازمة اقتصادية في العالم والدول العربية تتبرع بالمليارات إلى غزه لإعادة الاعمار - وتسعين في المئة من المواد الانشائية تدخل لغزه عن طريق اسرائيل مما ينتج عنه تحريك للإقتصاد الإسرائيلي ؟
......

أشعر بضبابية غريبه في موضوع غزه وامير قطر والملحق الثقافي اليهودي و ودور زوجة الامير القطري موزه وزيارتهاالمتعددة لواشنطن -

شبكة ماسونية

Safeed يقول...

Zooz ،،

بخدمتكم .

Q8_Q8 ،،

تلميحك فيه صحة كثيرة ، و لكني أراها من منظور آخر .
الدور السعودي - المصري - الفتحاوي أدى إلى فشل قمة الدوحة و خروجها بصورة باهتة مما حول قمة الكويت الاقتصادية إلى قمة سياسية و منظرة للدور السعودي ( التصالحي ) .
من شاهد أمير قطر و هو يقرأ كلمته العاجلة في الواحدة صباحا لاشك يستنتج أن هناك لعبة خفية كانت حاصلة و لكنها من وجهة نظري كانت من طرف معسكر ما يعرف بالاعتدال ، فلو نجحت قمة قطر كان هذا سيسلب الجانب السياسي من قمة الكويت و يركز على دورها الأساسي و هو الاقتصاد و الاجتماع ، و لكن نجاح قمة قطر يعني الاعتراف الرسمي بالنجاح الايراني - السوري في ادارة الحرب بغزة ، و هذا ما لا يريدونه لذلك كانت حرقة " أبو الغيط " كبيرة و هو يعترف بأن حرب غزة كسبها الايرانيون ( !! ) .
الكويت كانت مجرد مشاهد و حاضن لما حدث و لم تشارك به فعليا ، و لكن الدور القطري كان بسبب التهديد الذي شعروا به من دول الاعتدال (!) المزعوم لذلك رموا بثقلهم في القارب الايراني - السوري و دعوا الاسد و نجاد لحضور قمة الدوحة ، هي مراهنة كانت على الطرف الكاسب من وجهة نظري لكنها لم تؤت أكلها بسبب التكالب العربي على افشالها و انجاح اللعبة الصهيونية التي باتت محتضرة الآن .